وإنَّما هو من بابِ تَشْبِيه الرُّؤْيَةِ
بِالرُّؤْيَة، فهو سُبْحَانَه لا يُشْبِهُه شَيْء، وَلَكِن هذا من بابِ ضَرْبِ
الْمَثْل لِتَشْبِيه الرُّؤْيَة بِالرُّؤْيَة، لا من بابِ تَشْبِيهِ الْمَرْئِيِّ
بِالْمَرْئِيّ؛ إذ قد يُشْكِل هذا على بَعْضِ النَّاس.
وقولُه صلى الله عليه وسلم: «فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا»
أي: لا يَغْلِبَكُم الشَّيْطَانُ ولا تَغْلِبَكُم النَّفْسُ وَالأَْشْغَالُ
الدُّنْيَوِيَّة «عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ
طُلُوعِ الشَّمْسِ» وهي صَلاَةُ الْفَجْر «وَصَلاَةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا» وهي صَلاَةُ الْعَصْر «فَافْعَلُوا» أي: اجْتَهَدُوا في
الْمُحَافَظَةِ على هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْن في وَقتِهما، لتحظَوْا يومَ
الْقِيَامَةِ بِرُؤْيَةِ اللهِ جل وعلا، فَهَاتَان الصَّلاَتَان لهما فَضِيلَةٌ
على غيرِهما من الصَّلَوَاتِ الْخَمْس؛ قال تعالى: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ﴾ [البقرة: 238] وَالصَّلاَة الْوُسْطَى: هي صَلاَةُ
الْعَصْر، عَطَفَهَا اللهُ على الصَّلَوَاتِ من بابِ عَطَفِ الْخَاصِّ على
الْعَامِّ، واهتمامًا بها.
وقولُه: «ثُمّ قرأ صلى الله عليه وسلم قولَه تعالى: ﴿وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ﴾ [ق:39] »:
يَعْنِي: صَلِّ، وَالصَّلاَةُ تُسَمَّى تسبيحًا ﴿قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ﴾
[ق:39] أي: صَلاَة الْفَجْر ﴿وَقَبۡلَ ٱلۡغُرُوبِ﴾
[ق:39] أي: صَلاَة الْعَصْر؛ وَالْمُرَاد: صَلاَتَا الْفَجْر وَالْعَصْر.
وَصَلاَةُ الْفَجْر يَتَهَاوَن بها كَثِيرٌ من النَّاس، فَيَنَامُون عنها ولا يَهْتَمُّون بها، وَبَعْضُهِم لا يُصَلِّيهَا أبدًا، فَيَذْهَب إلى عَمَلِه وقد أَهْمَلَهَا، فمثلُ هذا كافرٌ بِاَللَّهِ عز وجل، وَبَعْضُهُم يُصَلِّي متى قَام من نَوْمِه، فَصَلاَتُه هذه غيرُ صَحِيحَة، لِكَوْنِه لم يُصَلِّ الصَّلاَةَ التي أَمْرَ اللهُ بها، وإنَّما صَلَّى صَلاَةً على اخْتِيَارِه هو، لا على اخْتِيَارِ اللهِ جل وعلا؛ فهي لا تُقبَل؛