×
شرح أصول الإيمان

 يَتَّقُونَ ٦٣ [يونس: 62- 63] هَؤُلاَء هُم أَوْلِيَاءُ الله ﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ [يونس: 63] فَمَن اتَّصَف بِالإِْيمَانِ والتقوى فهو وَلِيُّ الله سبحانه وتعالى، ومن تَرَك الإِْيمَانَ والتقوى فهو عَدُوُّ الله، فإذا أَرَدْتَ أن تَكُونَ وليَّا لِلَّه فَكُن من الْمُؤْمِنِين الْمُتَّقِين؛ فَلَيْسَت الْوِلاَيَةُ مُجَرَّدَ دَعْوَى بِاللِّسَان كَقَوْلِ الْيَهُود والنصارى كما أَخْبَر سُبْحَانَه: ﴿وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحۡنُ أَبۡنَٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰٓؤُهُۥۚ قُلۡ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُمۖ [المائدة: 18]، فلو كنتم أَوْلِيَاءَ اللهِ لمَا عذبكم، فاللهُ رَدَّ عَلَيْهِم بِأَنَّهُم لَيْسُوا بِمُؤْمِنِين ولا مُتَّقِين، ثم قال: ﴿بَلۡ أَنتُم بَشَرٞ مِّمَّنۡ خَلَقَۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ [المائدة: 18]، فَدَعْوَى الْوِلاَيَة لا تثبت إلاَّ بِدَلِيلٍ وَبُرْهَان، فَمَن كان تقيًّا ومؤمنًا بِاَللَّه عز وجل فهو وَلِيٌّ لِلَّه، وأمَّا من كان بِخِلاَفِ ذلك فإنَّه عَدُوٌّ لِلَّه سبحانه وتعالى.

فَقَوْلُه: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا»: أي عبدًا محبوبًا لِي من الْمُؤْمِنِين الْمُتَّقِين، «فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ» أي: أَعْلَمْته بِأَنِّي أحاربه على عَدَاوَتِه لِوَلِيِّي؛ وَإِعْلاَنُ الْحَرْبِ من اللهِ سبحانه وتعالى بِمَا يَشَاء من جُنُودِه، فقد يُحَارِبُه بِالأَْمْرَاضِ وبالفقرِ أو بِمَوْتِ الأَْحْبَاب وَالأَْقَارِب، ويحاربُه بِكُلِّ الْمَصَائِب أو بِتَسْلِيط الظَّلَمة عَلَيْه، فَلَه سُبْحَانَه جُنُود السَّمَوَات وَالأَْرْض، فهو سُبْحَانَه يُحَارِبُ أعداءَه بِجُنُودِه التي هي جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَْرْض، فقد نَرَاهُم وقد لا نَرَاهُم، فالذي يُعَادِي أَوْلِيَاءَ اللهِ فإنَّه سُبْحَانَه يُحَارِبُه.

فَهَذَا الْحَدِيثُ فيه أنَّه لا يَجُوزُ مُحَارَبَةُ أَوْلِيَاءِ اللهِ وَمُعَادَاتِهِم، وَأَن من عَادَاهُم وَآذَاهُم فَإِن اللهَ يَنْتَقِمُ منه، فهؤلاء الَّذِين يُؤْذُون الْمُؤْمِنِين بِالاِسْتِهْزَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ والتنقُّصِ منهم من خِلاَل كتاباتهم في الصُّحُفِ


الشرح