والمجلاتِ وَوَسَائِلِ الإِْعْلاَم، فَيَسْخَرُون من
أَهْلِ الدّيْنِ وَالإِْيمَانِ وَأَهَلِ الْحِسْبَة وَالأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ
وَالنَّهْي عن الْمُنْكَرِ هَؤُلاَء يَتَنَاوَلُهُم هذا الْحَدِيث، واللهُ
يَنْتَصِرُ لأَِوْلِيَائِه، فَيَنْبَغِي عَدَمُ إيذَاءِ أَوْلِيَاء اللهِ وَعُدِم
التنقص لهم، أو التَّعَرُّض لهم بِأَيّ نَوْع من أَنْوَاع الأَْذَى.
وقولُه: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا
افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ» هذا فيه -كَمَا سَبَق- إثْبَاتُ صِفَةِ الْحُبِّ
لِلَّهِ جل وعلا، وأنَّه سُبْحَانَه يُحِبُّ الأَْشْخَاصَ وَالأَْعْمَالَ
الصَّالِحَةَ التي تُعمَل من قِبَلهم
وُفِيَه أنَّ الْفَرَائِضَ أَحَبَّ إلى اللهِ من
النَّوَافِل، فَيَنْبَغِي على الإِْنْسَانِ أن يُحَافِظَ على الْفَرَائِضِ أولاً
ثم يَأْتِي بِالنَّوَافِل، أمَّا أن يَأْتِي بِالنَّوَافِل وَيُتْرَك الْفَرَائِضُ
فهذا على عَكْسِ ما يُحِبُّه اللهُ تَعَالَى، وهذا لا يَنْفَعُه؛ إذ لا تُقْبَل
النَّوَافِلُ إلاَّ بعد أَدَاءِ الْفَرَائِضِ، فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِم
الاِهْتِمَامُ بِأَدَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَصَوْمِ رَمَضَان، وَدَفْعُ
الزَّكَاةِ وَأَدَاءُ فَرِيضَةِ الْحَجِّ، وُكُلُّ ما افْتَرَضَه اللهُ عَلَيْه
كَالْبِرِّ بِالْوَالِدَيْن وَالإِْحْسَانِ إلى الأَْقَارِب. فَالأَْصْلُ في هذا
هو أَدَاءُ الْفَرَائِضِ أولاً ثم بعد ذلك التزوُّد بِالنَّوَافِل، هذا هو
الأَْسَاسُِ السَّلِيمُ للأعمالِ الصَّالِحَةِ.
وقولُه: «وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ» وَالنَّوَافِل: هي الْعِبَادَاتُ غير الْمَفْرُوضَة سَوَاءٌ في الصَّلاَة أو في الصَّدَقَات أو في الصِّيَام أو في الْحَجِّ وَالْعُمْرَة، فَكُلُّ عَمَلٍ صَالِحٍ يَنْقَسِم إلى قسمين: فَرَائِض، وَنَوَافِل، فَيَبْدَأ بِالْفَرَائِضِ أولاً، ثم بعد ذلك يَأْتِي بِالنَّوَافِل، فَيَنْبَغِي التَّقَرُّبُ إلى اللهِ بِالْوُصُولِ إلَيْه من خِلاَلِ هذه النَّوَافِل،