×
شرح أصول الإيمان

 يَشَاء سبحانه وتعالى، فَكَيْفِيَّة النُّزُول لا يَعْلَمُهَا إلاَّ هو سبحانه وتعالى، وكذلك الاِسْتِوَاء، فلا نَعْلَمْ كَيْفِيَّة اسْتِوَائِه جل وعلا.

وَلَمًّا سَأَل رَجُلٌ الإمامَ مَالِكَ بنَ أَنَس قال: « ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ [طه:5]، كَيْف اسْتَوَى؟ فقال الإمامُ مَالِك بعدما أَخَذْته الرُّحَضاء، ثم أَطْرَق رَأْسَه حَيَاءً من الله سبحانه وتعالى، ثم رَفَع رَأْسَه وقال: يا هَذَا، الاِسْتِوَاءُ مَعْلُوم، وَالْكَيْفُ مَجْهُول، وَالإِْيمَانُ به وَاجِب، وَالسُّؤَالُ عَنْه بِدْعَة. ثم أَمَر به فَأُخْرِج من الْمَجْلِس».

هَكَذَا كان السَّلَفُ الصَّالِحُ يُثْبِتُون ما أَثْبَتَه اللهُ لِنَفْسِه على مَعْنَاه الصَّحِيح الذي جَاء به، ولا يَتَعَرَّضُون لِلْكَيْفِيَّة، وَنَحْن نُثْبِت النُّزُولَ كما نُثْبِتُ الاِسْتِوَاءَ وَالْعُلُوَّ لِلَّهِ سبحانه وتعالى، وَنَقُول: الله أَعْلَم بِكَيْفِيَّة نُزُولِه وَاسْتِوَائِه.

فَقَوْلُه: «يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا» فيه إثْبَاتُ النُّزُولِ لِلَّهِ جل وعلا، وهو أَمْرٌ مُتَوَاتِر عن الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وقد كَتْبَ شَيْخُ الإسلامِ ابن تَيْمِيَّة رحمه الله ُ مؤلَّفًا مستقلًّا على هذا الْحَدِيثِ سَمَّاه «شَرْح حَدِيث النُّزُول» وهو مَطْبُوعٌ ومنتشرٌ وللهِ الْحَمْدُ وهو من عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَة.

وقولُه صلى الله عليه وسلم عن رَبِّه: أنَّه يقول «مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» فيه فَضْلُ وقت آخِرِ اللَّيْل، أي: الثُّلُث الأَْخِير منه، وَفَضْلُ قِيَامِ الْعَبْد في هذه الْفَتْرَة وَصَلاَتِه وَدُعَائِه وَاسْتِغْفَارِه وَتَوْبَتِه وَسُؤَالِه لِرَبِّه من أَجَل أن يَنَالَ هذه الْكَرَامَاتِ من اللهِ جل وعلا، فلا تَمْر عَلَيْه هذه الْفَتْرَة وهو نَائِم، بل يَقُوم في الثُّلُث الأَْخِير من اللَّيْل وَيَتَعَرَّض لِنَفَحَات الله وَيَحْظَى بِهَذِه الإجابات منه سبحانه وتعالى.


الشرح