وعن
أَبَى مُوسِي الأشعريّ رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
«جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ
آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَرَوْا
رَبَّهَمْ إِلاَّ رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ» ([1]).
****
وَأهلُ التَّأْوِيلِ يؤوِّلون هذا الْحَدِيثَ
بِقَوْلِهِم: إنَّما يَنْزِل أَمْره إلى سَمَاءِ الدُّنْيَا ! وَنَحْن نَقُول: هل
الأَمْرُ الذي أوََّلوا به النُّزُولَ يقول: من يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيب له؟ أو من
يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَه؟ وهل الأَمْر يَغْفِر؟ وهل الأَمْر يُجِيب الدُّعَاء
وَيَتُوب على التَّائِب؟! ما أقبحَ هذا التَّأْوِيل ! فَالْحَدِيثُ وَاضِحٌ في
أنَّ اللهَ يَنْزِلُ بِذَاتِه نزولاً حقيقيًّا لا أَمْرِه؛ إذ إن أَمْرِه يَنْزِل
إلى سَمَاء الدُّنْيَا وإلى الأَرْض كلّ وَقْت وليس في وقت مَخْصُوص، وَالْوَاجِبُ
عَلَيْنَا وَالْحَالَة هذه الإِْيمَان بِمَا جَاء في كتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ
رَسُولِه صلى الله عليه وسلم، وألا نَدْخُلَ في الْكَيْفِيَّة.
وَبَعْضُهِم يُورِد شُبْهَةً أُخْرَى في هذا الْحَدِيث
وَيَقُول: ثُلُث اللَّيْل الآَخَر يَخْتَلِف بِاخْتِلاَف الأَْقَالِيم !
نَقُول: إن هَؤُلاَء يَبْحَثُون في أُمُورٍ لم
يُكَلِّفْهُم اللهُ بِالْبَحْثِ فِيهَا، فالذي خَلَقَ اللَّيْلَ والنهار وَخَلَقَ
الأَْقَالِيم قَادِرٌ على أن يَنْزِلَ نزولاً يَلِيقُ بِجَلاَلِه، متى شَاء
وَكَيْف شَاء سبحانه وتعالى، فالله جل وعلا قَادِر على كلّ شَيْء، فهو سُبْحَانَه
أَخْبَرَنَا أنَّه يَنْزِل، فَنَقُول: يَنْزِل، سَوَاء اخْتَلَف اللَّيْل، أو
اخْتَلَفَت الأَْقَالِيم، واللهُ تعالى أَعْلَم.
الْجَنَّاتُ كَثِيرَة، فهناك جنَّة عَدَن، وَجَنَّة الْفِرْدَوْس، وَجَنَّة النَّعِيم، وهناك جنان كَثِيرَة، وأعلاها الْفِرْدَوْس، وفي الْحَدِيث:
([1])أخرجه: البخاري رقم (4597)، ومسلم رقم (180).
الصفحة 3 / 339