عُدُول، فَالْجَهَالَة في اسْم الرَّاوِي لا
تَضُرّ، إنَّما الْمَجْهُول إذا كان من غير الصَّحَابَة فإنَّه يُبحَث عَنْه، وأمَّا
الْمَجْهُول من الصَّحَابَة فلا حَاجَة لِلْبَحْث عَنْه؛ لأنّ الله سُبْحَانَه
عدَّلهم وَمَدَحَهُم وأثنى عَلَيْهِم، وكذا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
مَدَحَهُم وأثنى عَلَيْهِم.
قولُه: «رُمِيَ
بِنَجْمٍ» أي: بِشِهَاب، وَالْمُرَاد: رَجَم الشُّهُب التي تُرْمَى بها
الشَّيَاطِين التي تُحَاوِل اسْتِرَاق السَّمْع كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدۡ
زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلۡنَٰهَا رُجُومٗا
لِّلشَّيَٰطِينِۖ﴾ [المُلك:
5].
وَقَال: ﴿إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ
٦وَحِفۡظٗا مِّن كُلِّ شَيۡطَٰنٖ مَّارِدٖ ٧لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى ٱلۡمَلَإِ ٱلۡأَعۡلَىٰ
وَيُقۡذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٖ ٨دُحُورٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ وَاصِبٌ ٩إِلَّا مَنۡ
خَطِفَ ٱلۡخَطۡفَةَ فَأَتۡبَعَهُۥ شِهَابٞ ثَاقِبٞ ١٠﴾
[الصافات: 6- 10]، ورَمْيُ الشُّهُب من السَّمَاء سَبَبِه أنَّه رجوم
لِلشَّيَاطِين.
قَولُه: «فَقَال
صلى الله عليه وسلم: «مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ إِذَا رُمِيَ بِمِثْلِ هَذَا؟»»:
يعني: في الْجَاهِلِيَّة؛ لأنَّ رَمْيَ الشُّهُب مُتَكَرِّر، وهو في
الْجَاهِلِيَّةِ أَكْثَر، فَكَانُوا في الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَقِدُون اعتقادًا
سيئًا فَيَقُولُون: إنَّه إذا رُمي بِالشِّهَابِ فإنَّه سَيَمُوتُ عَظِيمٌ أو
سَيُولَد عَظِيم، هذا ظنُّهم وتخرُّصهم، كما كانوا يَعْتَقِدُون ذلك إذا ما كُسِفت
الشَّمْسُ أو خُسف الْقَمَر، فبيَّن صلى الله عليه وسلم كذِبَ هذا الزَّعْم وأنَّه
غيرُ صَحِيح، وَأَن هذه الشُّهب ليست لِوِلاَدَة أَحَدٍ أو لِمَوْتِ أَحَد،
وإنَّما هي لأَِمْرٍ أَعْظَم من ذلك.
قَولُه: «فَقَال صلى الله عليه وسلم: «إنَّهَا لم تَرْم لِمَوْتِ أَحَدٍ ولا لِحَيَاتِه»»: في هذا تَصْحِيحٌ منه صلى الله عليه وسلم لاِعْتِقَادِهِم، وفيه تَعْلِيمُ الْجُهَّالِ ولاسيما في الْمُنَاسَبَاتِ الشَّبِيهَة بِهَذِه.