قَولُه: «ولكنْ ربُّنا عز وجل إذا قَضِى أمرًا سبَّحت حَمَلةُ العرشِ» إذا
قَضَى أمرًا سبحانه وتعالى من الأُْمُورِ التي سَتَحْدُثُ في هذا الْكَوْنِ مِمَّا
قضاه وَقَدَّرَه، فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ الَّذِين يَحْمِلُون الْعَرْشَ يَشْرعُون
بِالتَّسْبِيح، وهذا فيه أن كلَّ شَيْءٍ يَحْدُث في هذا الْكَوْنِ إنَّما هو
بِقَضَاءٍ وَقَدَر من اللهِ سبحانه وتعالى، فلا يكونُ في هذا الْكَوْنِ إلاَّ ما
شَاءَه اللهُ سبحانه وتعالى وقضاه وَأَرَادَه وَقَدَّرَه؛ وفي هذا إثْبَاتُ
الْقَدْر.
قَولُه: «حَتَّى يُسبِّحَ أهلُ السماءِ الَّذِين يَلُونهم» هَؤُلاَء
الْمَلاَئِكَةُ إذا سَمِعُوا كَلاَمَ الله فَإِنَّهُم يُسَبِّحُون له؛ أي:
يُنَزِّهُونَه جل وعلا عن النَّقْصِ وَالْعَيْب، فَيَشْتَغِلُون بِالذِّكْر.
وقولُه: «حَتَّى يبلغَ التَّسبيحُ أهلَ السماءِ الدُّنيا» هذا فيه أن
السَّمَوَاتِ مَعْمُورَةٌ بِالْمَلاَئِكَة، فَكُلُّ سَمَاءٍ لَهَا مَلاَئِكَةٌ خاصون
يَسْكُنُونَهَا، وهي سَبْعُ سَمَوَات، وَالْمَلاَئِكَةُ هُم عُمَّارُ السَّمَوَاتِ
بِالْعِبَادَةِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيل، ومنهم حَمَلَةُ الْعَرْش.
وقولُه: «فَيَقُول الَّذِين يَلُونَ حَمَلَةَ العرشِ: مَاذَا قال ربُّكم؟» هذا
فيه إثْبَاتُ وُجُودِ حَمَلَة الْعَرْش، وهم أَرْبَعَةُ مَلاَئِكَة، ولا يَعْلَمُ
عِظَمَ خِلْقتِهم إلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى، ثم إنَّه يومَ الْقِيَامَة عند
قِيَام السَّاعَة يُضَاعَف عَدَدُهم فَيَكُونُون ثَمَانِيَة؛ قال تعالى: ﴿وَيَحۡمِلُ عَرۡشَ
رَبِّكَ فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ ثَمَٰنِيَةٞ﴾
[الحاقة: 17] زَاد عَدَدُهم الضِّعْف لِلْهَوْل الذي يَحْصُل.
وقولُه: «فَيَسْتَخْبِر أَهْلُ السَّمَوَات بَعْضهُم بعضًا» يَسْأَل بَعْضهُم بعضًا: ما الذي قضاه الله؟ وما الذي قَالُه جل وعلا ؟
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد