×
شرح أصول الإيمان

وقولُه: «حَتَّى يبلغَ الخبرُ أهلَ السماءِ الدُّنيا» السَّمَاءُ الدُّنْيَا هي التي تَلِي الأَرْض، فَحِينَمَا يَتَكَلَّمُون فَإِن الشَّيَاطِينَ تَسْتَرِقُّ السَّمْعَ فَتَرْتَفِعُ في الْعِنَان وَيَرْكَب بَعْضهُم بعضًا حَتَّى يَصِلُوا إلى الْجَوِّ قُرْبَ السَّمَاءِ ليستمعوا مَاذَا تَقُول الْمَلاَئِكَة.

وقولُه: «فتَخطَفُ الجِنُّ السَّمعَ فيُلقونَه إلى أَوْلِيَائِهِم» فهؤلاء الْجِنُّ يُحَاوِلُون اسْتِرَاق السَّمْع فَيَرْمُون بِالشُّهُبِ ولا يُدْرِكُون ما أَرَادُوا إلاَّ في بَعْض الأَْحْيَان، فقد يخطِفُ الشَّيْطَان كَلِمَة من كَلاَمِ الْمَلاَئِكَة، ثم يُلْقِيهَا إلى وَلَيِّه من بَنِي آدَم من الْكَهَنَة، لأنَّ هَؤُلاَء الْكُهَّان يَأْخُذُون عن الشَّيَاطِين؛ قال تعالى: ﴿هَلۡ أُنَبِّئُكُمۡ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَٰطِينُ ٢٢١تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ ٢٢٢يُلۡقُونَ ٱلسَّمۡعَ وَأَكۡثَرُهُمۡ كَٰذِبُونَ ٢٢٣ [الشعراء: 221- 223] فإذا حَصَل الشَّيْطَانُ على هذه الْكَلِمَة أَلْقَاهَا إلى الْكَاهِنِ من بَنِي آدَم، ثم الْكَاهِن يَكْذِبُ مَعَهَا مِائَة كَذِبَة وَيُحَدِّثُ بها فَيُصَدِّقُه النَّاسُ في كلِّ ما قال من الْكَذِبِ بِسَبَبِ الْكَلِمَة التي سَمِعَهَا الشَّيْطَانُ من كَلاَمِ الْمَلاَئِكَة.

وقولُه: «فَمَا جَاءُوا به على وَجهِه فهو الحَقُّ» يعني: يَصْدُق في كَلِمَة وَاحِدَة وهي التي سَمِعَتْهَا الشَّيَاطِين، ثم قال: «وَلَكَنَّهُم يَقْرِفونَ ويَزيدونَ» أي: وَلَكِن الْكَهَنَة يَزِيدُون على الكلام الذي يَسْمَعُونَه كما جَاء في الْحَدِيث: أنَّه «يَكْذِب مع الْكَلِمَة الْوَاحِدَة مِائَة كَذِبَة» ([1])، فَيُحدِّث بها النَّاسَ فَيُصَدِّقُونَه في كلِّ ما قال بِسَبَبِ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَقْبَلُون منه التِّسْعَ وَالتِّسْعِين من الْكَذِب؛ ولهذا قال تعالى: ﴿يُلۡقُونَ ٱلسَّمۡعَ وَأَكۡثَرُهُمۡ كَٰذِبُونَ [الشعراء: 223].


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3038)، ومسلم رقم (2228).