وعن
النَّواسِ بنِ سَمعان رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
«إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عز وجل أَنْ يُوحِيَ بِالأَْمْرِ تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ
أَخَذَتِ السَّمَاوَاتُ مِنْهُ رَجْفَةً، -أَوْ قَالَ: رَعْدَةً شَدِيدَةً-،
خَوْفًا مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا سَمِعَ بِذَلِكَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ صَعِقُوا،
وَخَرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا، فَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ جِبْرِيلُ،
فَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ مِنْ وَحْيِهِ بِمَا أَرَادَ، ثُمَّ يَمُرُّ جِبْرِيلُ
عَلَى الْمَلاَئِكَةِ، كُلَّمَا مَرَّ بِسَمَاءِ سَمَاءٍ سَأَلَهُ مَلاَئِكَتُهَا:
مَاذَا قَالَ رَبُّنَا يَا جِبْرِيلُ؟ فَيَقُولُ جِبْرِيلُ عليه السلام: قَالَ
الْحَقَّ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ قَالَ: فَيَقُولُونَ: كُلُّهُمْ مِثْلَ
مَا قَالَ جِبْرِيلُ، فَيَنْتَهِي جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ»
([1]).
****
وَالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم قد بيَّن لِلصَّحَابَة
وَلِغَيْرِهِم من الْمُسْلِمِين إلى أن تَقُوم السَّاعَة سَبَب رَمْي الشُّهُب،
وأنَّه ليس كما تَقُولُه الْجَاهِلِيَّة إنَّما كان لِمَوْت عَظِيم أو لِوِلاَدَة
عَظِيم، وإنَّما كان ذلك بِسَبَب مُحَاوَلَة اختراق الشَّيَاطِين السَّمْع، وأنهم
يُرْمَون بِهَذِه الشُّهُب، هذا ما يَدُلّ عَلَيْه هذا الْحَدِيث.
وفي الْحَدِيثِ أيضًا إثْبَاتُ صِفَةِ الْعُلُوِّ لِلَّه
سبحانه وتعالى فَوْقَ مَخْلُوقَاتِه على عَرْشِه.
وُفِيَه أن السَّمَوَاتِ مَعْمُورَةٌ بِالْمَلاَئِكَة،
كلُّ سَمَاءٍ مَمْلُوءَةٌ بالعُمَّارِ من الْمَلاَئِكَةِ الَّذِين يَعْبُدُون
اللهَ عز وجل َ وَيَمْتَثِلُون ما يَأْمُرُهُم به.
وُفِيَه إثْبَاتُ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ، وفيه
تَفْسِيرُ لِلآْيَة الْكَرِيمَة: ﴿حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُواْ مَاذَا
قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُواْ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ﴾ [سبأ: 23] كما يَأْتِي هذا في حَدِيثِ النَّوَّاسِ بن
سَمْعَان رضي الله عنه التَّالِي.
قولُه: «إِذَا
أرادَ اللهُ» هذا فيه إثْبَاتُ الإِْرَادَةِ لِلَّهِ سبحانه وتعالى.
وقولُه: «تكلَّم بِالْوَحْي» فيه إثْبَاتُ صِفَةِ الْكَلاَمِ لِلَّهِ عز وجل «أخذتِ
([1]) أخرجه: ابن خزيمة في كتاب (التوحيد) (1/348)، وابن أبي عاصم في «السنة» رقم (515).