×
شرح أصول الإيمان

 السَّمَوَات منه رَجفةٌ -أو قال: رِعْدَةٌ- شديدةٌ؛» السَّمَوَات -وهي جَمَاد- تَرْتَجِفُ وترعدُ من خَشْيَةِ اللهِ سبحانه وتعالى وَتَعْظِيم كَلاَمِه جل وعلا.

وقولُه: «صَعِقوا» يعني: أَصَابَهُم الغَشْيُ من هَيْبَةِ اللهِ جل وعلا كما في قولِه تعالى: ﴿وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقٗاۚ [الأعراف: 143]، هذا لمَّا تَجَلَّى اللهُ لِلْجَبَلِ واندك ذلك الْجَبَلُ خَرَّ مُوسَى على الأَرْضِ صَعِقًا من شِدَّة الْهَوْلِ وَالْخَوْفِ من اللهِ تَعَالَى، ﴿فَلَمَّآ أَفَاقَ [الأعراف: 143] من الصَّعْقِ ﴿قَالَ سُبۡحَٰنَكَ [الأعراف: 143]، وكذلك الْمَلاَئِكَة إذا أُزِيل الْفَزَعُ الذي أَصَابَ قُلُوبَهم أَخَذُوا يُنَادُون جِبْرِيلَ وَيَسْأَلُونَه.

وقولُه: «فَيَكُون أولَ من يَرْفَعُ رأسَه جَبْرائيلُ عليه السلام » لأَنَّه أَمِينُ الْوَحْي، وَالسَّفِير بين الله عز وجل وبين رُسُلِه بِالْوَحْي، وهو أَشْرَفُ الْمَلاَئِكَةِ سَمَّاه اللهُ أمينًا فقال: ﴿نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ ١٩٣عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ ١٩٤ [الشعراء: 193- 194]؛ فَجِبْرِيل عليه السلام مُوَكَّل بِالْوَحْي، وهذا يَدُلّ على شَرَفِه وَفَضْلِه عليه الصلاة والسلام.

وقولُه: «فيُكلِّمُه اللهُ من وَحْيهِ بِمَا أَرَاد» هذا فيه إثْبَاتُ صِفَةِ الْكَلاَمِ لِلَّهِ عز وجل، فَيُكَلَّمُ جِبْرِيلُ عليه السلام بِالْوَحْي الذي يُوحِيه إلى أَحَدِ أَنْبِيَائِه.

وقولُه: «ثم يَمرُّ جبرائيلُ على الْمَلاَئِكَةِ كُلَّما مرَّ بسَماءٍ سَأَلَه مَلاَئِكَتُها: مَاذَا قال ربُّنا يا جَبْرَائِيل؟» هذا فيه اهْتِمَامُ الْمَلاَئِكَةِ بِكَلاَمِ اللهِ عز وجل، وفيه فَضْلُ جِبْرِيل كَوْنه هو الذي يَحْمِلُ الْوَحْي، اخْتَصَّ بذلك من بينِ الْمَلاَئِكَة، حَتَّى إن الْمَلاَئِكَةَ يَسْأَلُونَه سُؤَالَ الْمُتَعَلِّمِ لِلْعَالِم.


الشرح