×
شرح أصول الإيمان

 وقولُه: «فَيَقُولُ: قال الحَقَّ وهو العّلِيُّ الكبيرُ» يقول جِبْرِيل بعدما سَأَلَه الْمَلاَئِكَة: «مَاذَا قال ربُّنا يا جَبْرَائِيل؟»، فَيُجِيبُهُم: «فَيَقُولُ: قال الحَقَّ وهو العّلِيُّ الكبيرُ,فَيَقُولُون كلُّهم مثل ما قال جبرائيلُ». وهذا فيه إثْبَاتُ صِفَةِ الْكَلاَمِ لِلَّهِ سبحانه وتعالى وَأَن كَلاَمَه حَقٌّ لا يَعْتَرِيه الْبَاطِلُ كما قال تعالى: ﴿لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ [فُصِّلَت: 42].

قولُه: «فَيَقُولُون كلُّهم مثل ما قال جبرائيلُ» أي: قالوا كلهم: «قال الحَقَّ وهو العّلِيُّ الكبيرُ»، هذا تَفْسِيرُ آيَة: ﴿حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُواْ ٱلۡحَقَّۖ [سبأ: 23] أي: قالوا: قالَ اللهُ الْحَقَّ.

قولُه: «فَيَنْتَهِي جبريلُ بِالْوَحْي إلى حيث أمرَه اللهُ» أي: يَنْتَهِي به جِبْرِيل إلى ما أَمَره اللهُ من تَبْلِيغِ الرُّسُلِ عَلَيْهِم الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم؛ لأنَّ جِبْرِيلَ هو الْوَسِيطُ بِالْوَحْي بين اللهِ عز وجل وَرُسُلِه عَلَيْهِم الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم؛ قال تعالى: ﴿قُلۡ مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّـجِبۡرِيلَ فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلۡبِكَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِ [البقرة: 97] وَالْيَهُود يُعَادُون جِبْرِيل، فقد قالوا لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: لو كان الذي يَأْتِيك غيرَ جِبْرِيل لآمنا بِك، لأنَّ جِبْرِيلَ عَدُوٌّ لَنَا، فَأَنْزَل اللهُ قوله: ﴿قُلۡ مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّـجِبۡرِيلَ فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلۡبِكَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِ [البقرة: 97]، فهذا الْقُرْآنُ ليس من كَلاَمِ جِبْرِيل، وإنَّما هو من كَلاَمِ اللهِ سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبۡرِيلَ وَمِيكَىٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوّٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ [البقرة: 98] هذه مَقَالَةُ الْيَهُود.


الشرح