×
شرح أصول الإيمان

وَرَواه مُسْلِم عن عُبَيْدٍ بن مِقْسَم أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما كَيْفَ يَحْكِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «يَأْخُذُ اللهُ عز وجل سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدَيْهِ فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، وَيَقْبِضُ أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطُهَا فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ» حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ([1]).

****

 يَبْكِي الصَّبِيّ، وَسَمِع الصَّحَابَةُ الْجِذْع، حَتَّى نَزَل رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وَوَضْع يَدَه عَلَيْه، فَجَعَل يَئِنُّ كأنين الطِّفْل ([2])، وهذا إدْرَاكٌ من الْجَمَادَات، وقد يُظهِر اللهُ لِعِبَادِه شيئًا من ذلك لِلاِعْتِبَار وَالْعِظَة.

الرَّسُول صلى الله عليه وسلم يُوضِّح في هذا الْحَدِيثِ لِلصَّحَابَةِ رضي الله عنهم كَيْفِيَّةَ قَبَضِ اللهِ تعالى للسمواتِ وَالأَْرْض، وأنَّه قَبْضٌ حَقِيقِيٌّ، وهذا فيه رَدٌّ على الَّذِين يَقُولُون بِالْمَجَاز، فَيُبَيِّن لهم صلى الله عليه وسلم أنَّه قَبْضٌ حَقِيقِيّ، فَيَقْبِضُ بِيَدَيْه ويفتحهما، وهذا تَوْضِيحٌ وليس مَعْنَاه تشبيهَ يَدَي الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بِيَدِ اللهِ كما قال صلى الله عليه وسلم: «أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لاَ تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ» ([3])، فليس هذا من باب تَشْبِيه الْقَمَر بِاَللَّه عز وجل، وإنَّما هو تَشْبِيه لِرُؤْيَة الله بِرُؤْيَة الْقَمَر، وكذلك هُنَا كما جَاء في رِوَايَة ابن عُمَر فقد قَبَض الرَّسُول صلى الله عليه وسلم يَدَيْه لِيُبَيِّن لهم أن الْقَبْض حَقِيقِيّ وليس مجازًا.

وقولُه: «حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ...» إلَخ هذا فيه أن الْمِنْبَرَ أَصَابَه ما أَصَابَه من الْهَيْبَةِ لِلَّهِ وهو جَمَاد!


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2788).

([2])  انظر: البخاري رقم (3392).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (529)، ومسلم رقم (633).