وقولُه: «حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ» فقد تأثروا -رِضْوَان
اللهِ عَلَيْهِم- لتأثُّر رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَالأَْمْرُ عَظِيم،
وَالْكَلِمَةُ شَنِيعَة.
وهذا فيه أن بَعْضَ الْكَلِمَاتِ تَكُونُ وَخيمَة،
فَيَنْبَغِي على الإِْنْسَانِ أن يَحْفَظَ لِسَانِه.
وُفِيَه أن الإِْنْسَانَ لا يَتَكَلَّمُ بِحَقِّ اللهِ
جل وعلا إلاَّ عن عِلْمٍ وَمَعْرِفَة، ولا يقولُ على اللهِ بِلاَ عِلْم.
وقولُه: ثُمّ قال: «وَيْحَكَ» كُرِّر قوله صلى الله عليه
وسلم: «وَيْحَكَ» دَلاَلَةً على
عِظَمِ الأَمْر، وَكَلِمَة «وَيْحَكَ»
كَلِمَة تُقَال لِمَن أَشْرَف على الهَلَكة، وفيها معنى الزَّجْر.
وقولُه: «إِنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَاوَاتِهِ لَهَكَذَا»، وَقَالَ
بِأَصَابِعِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ، أي: أَشَار بِيَدَيْه كَالْقُبَّة؛ لأنّ
الْعَرْشَ هو سَقْفُ الْمَخْلُوقَات، فإذا كان هو كَذَلِك ففيه دَلِيلٌ على
عَظَمَتِه، لأنّ الْمَخْلُوقَاتِ على سِعَتِهَا وَامْتِدَادِهَا بِمَا في ذلك
السَّمَوَات وَالأَْرْض وما بَيْنَهُمَا كُلهَا سَقْفهَا الْعَرْش، فهو عَرْشٌ
متناهٍ في الْعِظْم ! وفيه بَيَانُ أنَّ الْعَرْشَ مقبَّب.
وقولُه: «لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ» بَيَان أنَّه إذا
كان هذا الْعَرْشُ على عَظَمَتِه وضخامتِه يُصِيبُه هذا التَّأَثُّر من عَظَمَةِ
اللهِ عز وجل فَكَيْف بِغَيْرِه من الْمَخْلُوقَات؟!
وهذا فيه إثْبَات اسْتِوَاء الله على عَرْشِه.
وُفِيَه أن الْعَرْشَ هو أَعْظَمُ الْمَخْلُوقَات.
وُفِيَه أنَّه لا يُسْتَغَاث بِاَللَّهِ على أَحَدٍ من خَلْقِه، وإنَّما الْعَكْس أنَّه يُسْتَغَاث بِالْمَخْلُوقِ الْحَيِّ الْحَاضِر إلى الْخَالِق، بِمَعْنَى طَلَب الشَّفَاعَةِ من
الصفحة 5 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد