×
شرح أصول الإيمان

وَقَوْلُه: «وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ» الْمُرَاد: الأَْدْوِيَةُ الحسِّيةُ التي يُتَدَاوَى بها النَّاسُ في المستشفياتِ والمستوصفات، أو بِالطِّبِّ النَّبَوِيِّ الْمَعْرُوف، وما يُسمونه بِالطِّبِّ الشَّعْبِيّ، وَالصَّحِيحُ منه هو الطِّبُّ النَّبَوِيّ، وما ليس بِصَحِيحٍ فهو ليس من الطِّبِّ النَّبَوِيّ؛ فالأدويةُ الحسِّيةُ لا بَأْس بها، فقد قال صلى الله عليه وسلم «مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» ([1])، وفي رِوَايَة بِزِيَادَةِ: «عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ» ([2])؛ فهو سُبْحَانَه جَعَل في هذه الْمَخْلُوقَاتِ وهذه النَّبَاتَاتِ أَدْوِيَةً يَسْتَخْرِجُهَا الأَْطِبَّاءُ وَأَهَلُ الْخِبْرَةِ فَيَنْفَعُ اللهُ بها، فلا بَأْسَ بِالتَّدَاوِي وَالْعِلاَج بِالأَْدْوِيَةِ الْمُبَاحَة.

لَكِنَّ السَّائِلَ سَأَل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عن هذه الرُّقى وَالأَْدْوِيَةِ والتُّقاة التي يتَّقون بها الْمَكْرُوه: هل هي ترُدُّ الْقَضَاءَ وَالْقَدَر؟ فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «هِيَ مِنْ قَدَرِ اللهِ»؛ لأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ واللهُ هو الذي قدَّرها سبحانه وتعالى وَجَعلَهَا أَدْوِيَةً وَشِفَاء لِلنَّاس، فهي من الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ ولا تُنافيه، فَإن يُتَدَاوَى النَّاسُ وَيُؤْمِنُوا بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ فَذَلِك هو الْمَنْهَجُ الصَّحِيحُ وَالْعَقِيدَةُ السَّليمة، فَاِتِّخَاذُ الأَْسْبَابِ الْمُبَاحَةِ لا يُنَافِي الإِْيمَانَ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَر؛ لأَنَّهَا هي من الْقَضَاءِ وَالْقَدَر؛ فلا شَيْءَ في هذا الْكَوْنِ إلاَّ وقد قدَّره اللهُ جل وعلا.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5354).

([2])  أخرجه: أحمد رقم (3578)، وأبو يعلى رقم (5183)، والطبراني في « الكبير » رقم (10331).