×
شرح أصول الإيمان

وقولُه تَعَالَى: ﴿جَاعِلِ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلًا أُوْلِيٓ أَجۡنِحَةٖ مَّثۡنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَۚ [فاطر: 1]. قَوله:﴿رُسُلًا إلى خَلْقِه يُرْسِلُهُم اللهُ جل وعلا بِالْمُهِمَّات التي ينفذونها في الأَرْض، فَمِنْهُم مَن يَنْزِلُ بِالْوَحْي، ومنهم مَن يَنْزِلُ بِالْعَذَاب، ومنهم مَن يَنْزِلُ بِالْبِشَارَةِ لِلْمُؤْمِنِين، كما قال تَعَالَى: ﴿ٱللَّهُ يَصۡطَفِي مِنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلٗا وَمِنَ ٱلنَّاسِۚ [الحج: 75] فهناك رُسُلٌ من الْمَلاَئِكَةِ وَرُسُلٌ من الْبَشَر، فَالْمَلاَئِكَةُ رُسُلٌ يُرْسِلُهُم اللهُ جل وعلا لمَّا يُرِيد من أَمْرِه.

وقولُه تَعَالَى:﴿أُوْلِيٓ أَجۡنِحَةٖ هذا فيه إثْبَاتُ الأَْجْنِحَةِ لِلْمَلاَئِكَة؛ لأنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَطير في الْهَوَاء، وهذه الأَْجْنِحَةُ كَثِيرَةٌ لا يَعْلَمُهَا إلاَّ اللَّه؛ ولهذا قال تَعَالَى: ﴿مَّثۡنَىٰ يَعْنِي: منهم من له جَنَاحَان،﴿وَثُلَٰثَ أَي: ومنهم من له ثَلاَثُ أَجْنِحَة﴿وَرُبَٰعَۚ أَي: منهم من له أَرْبَعَة أَجْنِحَة ﴿يَزِيدُ فِي ٱلۡخَلۡقِ مَا يَشَآءُۚ [فاطر: 1] أَي: زِيَادَتِه تبارك وتعالى في خَلقِ هذا الْمَلَك من الأَْجْنِحَةِ على الآَخَرِ ما يَشَاء وَنُقْصَانِه عن الآَخَر ما أَحَب، فَمِنْهُم من له سِتُّمِائَة جُنَاح كما في الْحَدِيث الصَّحِيح ([1]).

فَهَذَا فيه إثْبَاتُ أنَّ الْمَلاَئِكَةَ رُسُل، وأنهم ليس لهم من الرُّبُوبِيَّةِ وَالأُْلُوهِيَّةِ شَيْء، وإنَّما هُم مُجَرَّدُ رُسُل، وَأَنَّ لهم أَجْنِحَةً يَطِيرُون بها في الْهَوَاء، وَأَن هذه الأَْجْنِحَةَ مُتَعَدِّدَة.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4576)، ومسلم رقم (174).