×
شرح أصول الإيمان

وَالْمَلاَئِكَة: جَمَعُ مَلَك، وَالْمَلَك أَصْلِه «مَلأَْك» بِالْهَمْز مَأْخُوذ من الأَلُوكَة: وهي الرِّسَالَة؛ لأنَّ المَلَكَ رسولٌ من اللهِ سبحانه وتعالى.

وَالْمَلاَئِكَةُ خَلْقٌ من خَلقِ اللهِ جل وعلا من عالَمِ الْغَيْب، نُؤْمِنُ بِهِم ولو لم نَرَهُم؛ اعتمادًا على خَبَرِ اللهِ جل وعلا وَخَبَرِ رَسُولِه صلى الله عليه وسلم، فَإِن اللهَ أَخْبَر عن الْمَلاَئِكَة، وكذا النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فليس كلُّ مَوْجُودٍ يُرى ويُشاهَد، فَالرُّوحُ مثلاً هي مَوْجُودَةٌ وَلِكِنَّهَا لا تُرى، وكذا الْعَقْلُ هو مَوْجُودٌ وَلَكِنَّنَا لا نَرَاه، وَنَحْن نُؤْمِنُ بِالْمَلاَئِكَةِ وَإِنْ لم نَرَهُم.

بِخِلاَفِ الْمَلاَحِدَةِ الَّذِين يَقُولُون: لا نُؤْمِنُ إلاَّ بِمَا نُشَاهِدُه، فهؤلاء ليس لهم ميزة، وَلَكِنَّ المِيزَةَ تَكُونُ لِلَّذِين يُؤْمِنُون بِالْغَيْبِ اعتمادًا على خَبَرِ اللهِ جل وعلا وَخَبَرِ رَسُولِه صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا فإنَّه جَاء في أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ قولُه تَعَالَى: ﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ٢ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ٣ [البقرة: 2- 3]؛ أَي: ما غَاب عَنْهُم، واللهُ جل وعلا عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَة، يَعْلَم الْمُشَاهَدَ وَيعلمُ الْغَائِب، أمَّا نَحْن فلا نَعْلَمْ إلاَّ الْمُشَاهَد، وأمّا الْغَائِبُ فلا نَعْلَمُه إلاَّ بِوَاسِطَةِ الْوَحْي المنزَّلِ من عندِ اللهِ سبحانه وتعالى.

فَالْمَلاَئِكَةُ من عَالِمِ الْغَيْب، خَلَقَهُم اللهُ من نُور، وَخَلَق الشَّيْطَانَ من لَهَبِ النَّار، وَخَلَق آدَمَ من تُرَاب، قال صلى الله عليه وسلم: «خُلِقَتِ الْمَلاَئِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ» ([1]).


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2996).