رَوَى
الطَّبَرَانِيّ عن جَابِر بن عَبْد الله رضي الله عنهما قَال: قال رَسُولُ اللهِ
صلى الله عليه وسلم: «مَا فِي السَّمَاوَاتِ مَوْضِعُ قَدَمٍ وَلاَ شِبْرٍ وَلاَ
كَفٍّ إِلاَّ وَفِيهِ مَلَكٌ قَائِمٌ أَوْ مَلَكٌ رَاكِعٌ أَوْ مَلَكٌ سَاجِدٌ،
فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالُوا جَمِيعًا: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ
حَقَّ عِبَادَتِكَ، إِلاَّ أَنَّا لَمْ نُشْرِكْ بِكَ شَيْئًا» ([1]).
****
وهذا الْحَدِيثُ كَالأَْحَادِيثِ السَّابِقَة، فيه ذكرُ عِبَادَةِ الْمَلاَئِكَة، وفيه ذكرُ كَثْرَتِهِم؛ حيث إنَّه لم يَبقَ في السَّماءِ فَضَاء بل هُم ملئوه، وفيه ذكرُ مَسْأَلَةٍ عَظِيمَةٍ وهي أنَّه على الإِْنْسَانِ أَلاَ يغترَّ بِعَمَلِه مَهْمَا كثُر، فَالْمَلاَئِكَةُ يسبِّحون اللَّيْلَ والنهار لا يَفْتَرُون ومع هذا يَقُولُون لِلَّهِ عز وجل: «سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ»؛ لأنَّ حقَّ اللهِ عَظِيم، ولو قَارِن الإِْنْسَانُ عَمَلَه بنِعَمِ اللهِ عَلَيْه لما بَلَغَت شيئًا يُذكر أَمَام هذه النِّعَم، فَالْعَمَلُ قليلٌ وَإِن كثُر؛ لأنَّ نِعَمَ الله أَكْثَرُ وَأَكْثَر، فلا أحدَ يَعْبُد الله حقَّ عِبَادَتِه؛ لِعِظَم حَقّ الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا فإنَّ نبيَّنا محمدًا صلى الله عليه وسلم وهو أَفْضَلُ الخَلْقِ على الإِْطْلاَقِ وَأَكْثَرَهُم عِبَادَةً لِلَّهِ عز وجل، يَقُوْل: «سُبْحَانَكَ لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» ([2])، هذا فيه اعْتِرَافٌ بأنَّ عَمَلَ الْمَخْلُوقِ مَهْمَا بَلَغ فإنَّه لا يُعَادِلُ حقَّ اللهِ سبحانه وتعالى، وهذا فيه أيضًا أنَّه على الإِْنْسَانِ أَلاَ يَغترَّ بِعَمَلِه، أو يُعجَب بِه.
الصفحة 3 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد