×
شرح أصول الإيمان

وعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا في السَّماءِ مَوضعُ قَدَمٍ إلاَّ عَلَيْه مَلَكٌ ساجدٌ أو مَلَكٌ قائمٌ، فَذَلِك قَوْلُ اللَّه: ﴿وَإِنَّا لَنَحۡنُ ٱلصَّآفُّونَ ١٦٥وَإِنَّا لَنَحۡنُ ٱلۡمُسَبِّحُونَ ١٦٦ [الصافات: 165- 166] » ([1]).

****

·       فَهَذَا يَدُلُّ على أَمْرَيْن:

الأَْوَّل: أنَّ الْمَلاَئِكَةَ يَعْبُدُون اللهَ عز وجل، وأنهم عِبَادٌ ليس لهم من الأَمْرِ شَيْء.

الثَّانِي: فيه دَلِيلٌ على كَثْرَةِ الْمَلاَئِكَة؛ حيث إنَّه يَأْتِي الْبَيْتَ الْمَعْمُور كلَّ يوم سَبْعُون أَلْف مِلْك إلى الْبَيْتِ الْمَعْمُور ثم لا يَعُودُون إلَيْه إلى يومِ الْقِيَامَة، حيث لا يَعْلَمُ عَدَدَهِم الْهَائِل إلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى.

وهذا الْحَدِيثُ أيضًا يدلُّ على أنَّ الْمَلاَئِكَةَ يَعْبُدُون اللهَ عز وجل، بِالرُّكُوعِ والسُّجودِ وَالْقَيَّامِ عبادةً لِلَّهِ عز وجل، وفيه بَيَان كَثْرَتِهِم في السَّماءِ على سِعَتِهَا؛ إذ ليس فِيهَا مَوْضِعُ قَدَمٍ إلاَّ وفيه مَلَكٌ يَعْبُدُ اللهَ عز وجل، فهذا دَلِيلٌ على كَثْرَتِهِم وأنهم مَلَئُوا السَّماءَ على سَعَتِها، وَيَدُل على هذا قولُه عز وجل عَنْهُم: ﴿وَإِنَّا لَنَحۡنُ ٱلصَّآفُّونَ [الصافات: 165] لأنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَصُفُّ عند ربَّها لِلْعِبَادَة؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلاَئِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا»؛ يعني في الصَّلاَة، قَالُوا: وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلاَئِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُْوَلَ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ» ([2])، وفي هذا دَلِيلٌ على عِبَادَةِ الْمَلاَئِكَةِ لِلَّهِ عز وجل وعلى كَثْرَةِ عَدَدِهِم، حيث إنَّهُم يَمْلَئُون السَّمَاءَ على سَعَتِها.


الشرح

([1])  أخرجه: محمد بن نصر في «الصلاة» رقم (253)، وأبو الشيخ في «العظمة» رقم (508).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (430).