×
شرح أصول الإيمان

وروى الإمامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ قَال: لِجَبْرَائِيل: «مَا لِي لا أَرَى مِيكَائِيلَ ضَاحِكًا قَطُّ؟ قَال: مَا ضَحِكَ مِيكَائِيلُ مُنْذُ خُلِقَتِ النَّار» ([1])..

****

 الصُّورِ الذي فيه حَيَاةُ النَّاسِ يومَ الْقِيَامَة بعد الْمَوْت، هَؤُلاَء الثَّلاَثَة هُم أَفْضَلُ الْمَلاَئِكَة؛ لأنَّ كلَّ وَاحِدٍ منهم مُوَكَّلٌ بِالْحَيَاة؛ حَيَاةِ الْقُلُوب، وَحَيَاةِ الأَرْض، وَحَيَاةِ الأَْبْدَان عند الْبَعْثِ من الْقُبُور.

قَال تَعَالَى: ﴿وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ [الزَّمْر: 68]، فالذي يَنْفُخُ في الصُّورِ هو إسْرَافِيلُ عليه السلام، يَنْفُخُ فيه نَفْخَةَ الصَّعْقَةِ فَيَمُوتُ كلُّ من في السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضِ إلاَّ من اسْتَثْنَى اللهُ سبحانه وتعالى، ثم يَنْفُخُ فيه ثَانِيَةً فَيَحْيَا كلُّ من مَات وَيقُوم سويًّا، فهذا وَجْهُ كَوْنِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم خَصَّ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَة في اسْتِفْتَاحِه.

وهذا كما سَبَق في الْحَدِيثِ عن جَبْرَائِيل عليه السلام ُ أنَّه كان يَبْكِي فَسَأَلَه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عن بُكَائِه فَقَال: «وما لِي لا أَبْكِي، وَاللهِ مَا جَفَّتْ لِي عَيْنٌ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ تَعَالَى النَّارَ» ([2]) وهذا مِيكَائِيل مِثْلُه، لا يَسْتَطِيعُ أن يَضْحَكَ مُنْذ أن خُلِقَتِ النَّارُ من شِدَّةِ خَوْفِه منها، فَالْمَلاَئِكَةُ مع عِبَادَتِهِم وقُربِهم وَمَكَانَتِهِم من اللهِ تعالى لم يَأْمَنُوا على أَنْفُسِهِم من النَّار، فهذا فيه الْحَثُّ على شِدَّةِ الْخَوْفِ من النَّار، وليس الْمُرَادُ هو مُجَرَّدُ الْخَوْفِ من النَّارِ فَقَط، وَلَكِنَّ الْخَوْفَ وَالْعَمَلَ لِلنَّجَاةِ منها، فَالْمَطْلُوبُ هو


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (13343).

([2])  أخرجه: البيهقي في « الشعب » رقم (915).