×
شرح أصول الإيمان

وَقَد سمَّى اللهُ صَلاَةَ الْفَجْرِ قرآنًا؛ لأَنَّهَا تطُول فِيهَا الْقِرَاءَة، فَمَن هُنَا يُستَحبُّ لِلإِْمَامِ أن يُطيلَ الْقِرَاءَةَ في صَلاَةِ الْفَجْرِ إطَالَةً لا تَشُقُّ على الْمَأْمُومِين؛ لأَنَّهَا تَحْضُرُهَا مَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةُ النَّهَار، وكذلك في صَلاَةِ الْعَصْرِ تَجْتَمِعُ مَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ مع مَلاَئِكَةِ النَّهَار، هَؤُلاَء يَصْعَدُون وهؤلاء يَنْزِلُون وَيحْضُرُون صَلاَةَ الْعَصْر، ولهذا صَار لِصَلاَتي الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ مِيزَةٌ على غيرِهما من الصَّلَوَات.

وقولُه تَعَالَى: ﴿وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ يَعْنِي: صَلِّ﴿قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ ٱلۡغُرُوبِ [ق: 39].

الْمُرَاد هو ذكرُ فَضِيلَةِ هَذَيْن الصَّلاَتَيْن: صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الْعَصْر.

وقولُه صلى الله عليه وسلم: «ثُمّ يُعَرِّج إلَيْه الَّذِين بَاتُوا فِيكُم» هذا فيه دَلِيلٌ على إثْبَاتِ العلوِّ لِلَّهِ تَعَالَى، فَيَصْعَدُ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِين انْتَهَت مهمَّتُهم إلى اللهِ تَعَالَى.

وَقَوْلُه: «فَيَسْأَلُهُم وهو أَعْلَم» أَي: يَسْأَلُهُم سبحانه وتعالى سُؤَالَ تَقْرِيرٍ وَشَهَادَة، وَإِلا فهو سبحانه وتعالى يَعْلَمُ حَالَهِم ولا يَخْفَى عَلَيْه شَيْءٌ من أَمَرِهُم «كَيْف تَرَكْتُم عِبَادِي؟» يَسْأَل سُبْحَانَه الَّذِين صَعِدُوا إلَيْه: «كَيْف تَرَكْتُم عِبَادِي» فهذا سُؤَالُ تَقْرِيرٍ وَاسْتِشْهَادٍ لِلْمَلاَئِكَةِ على أَعْمَالِ بَنِي آدَم.

وَقَوْلُه: «فَيَقُولُون: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» صَلاَةَ الْعَصْر «وأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» صَلاَة الْفَجْر، أو الْعَكْس و«أَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» أَي: صَلاَة الْعَصْر «وَتَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» أَي: صَلاَة الْفَجْر، فهذه شَهَادَةٌ من الْمَلاَئِكَةِ لِلْمُسْلِمِين عند اللهِ سبحانه وتعالى وهم في حَالَةِ طاعةٍ لِتَكُونَ شَهَادَتُهُم


الشرح