×
شرح أصول الإيمان

قَال تَعَالَى: ﴿مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ [ق:18]، وَقَال: ﴿وَإِنَّ عَلَيۡكُمۡ لَحَٰفِظِينَ ١٠كِرَامٗا كَٰتِبِينَ ١١ يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ ١٢ [الانفطار: 10- 12].

وهؤلاء يُقَال لَهُم: الْحَفَظَة، قال تَعَالَى: ﴿وَهُوَ ٱلۡقَاهِرُ فَوۡقَ عِبَادِهِۦۖ وَيُرۡسِلُ عَلَيۡكُمۡ حَفَظَةً [الأنعام: 61].

فَالإِْنْسَانُ ليس مهمَلاً، وإنَّما هو تَحْتَ مُرَاقَبَةٍ دَائِمَةٍ من اللهِ وَمَلاَئِكَتِه، وَأَنَّ أَعْمَالَه وَأَقْوَالَه لا تَضِيعُ ولا تَذْهَبُ سُدًى؛ قال تَعَالَى: ﴿أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَن يُتۡرَكَ سُدًى [القيامة: 36]، فَالإِْنْسَانُ ليس بِمُهْمَلٍ وَإِن أَهْمَلَ نَفْسَه؛ ولهذا فإنَّه يَنْبَغِي له أنْ يَسْتَحْضِرَ هذا وَيَسْتَحْضِرَ كلَّ ما يَصْدُرُ عَنْه وَيُدْرِكَ بِأَنَّه سيُسجلُ وسيُحاسبُ عَلَيْه، فَحِينَئِذٍ سَيَكُونُ له تخوُّفٌ وتوقُّفٌ عن كَثِيرٍ من الأَْقْوَالِ وَالأَْفْعَال.

وهذا الصِّنْفُ من الْمَلاَئِكَةِ الَّذِين جَاء ذِكْرُهِم في الْحَدِيثِ يَنْزِلُون من السَّمَاءِ إلى الأَرْضِ حيث يَسْكُنُ بَنُو آدَم، وهم على قسمين: حَفَظَة في النَّهَار، وَحَفَظَة في اللَّيْل، فَحَفَظَةُ النَّهَار يَنْزِلُون في صَلاَةِ الْفَجْر وَيَبْقَوْن مع الإِْنْسَانِ إلى وقتِ صَلاَةِ الْعَصْر، ثم يَنْزِلُ مَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ وَيحْضُرُون صَلاَةَ الْعَصْرِ وَيَسْتَمِرُّون إلى صَلاَةِ الْفَجْر، فهذا معنى قولِه صلى الله عليه وسلم: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ» حيث لا تَمْضِي فَتْرَةٌ من الْوَقْت تَخْلُو من هَؤُلاَءِ الْحَفَظَة، فَتَجْتَمِعُ مَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ مع مَلاَئِكَةِ النَّهَارِ في صَلاَةِ الْفَجْرِ وَيَحْضُرُونَهَا؛ ولهذا قال اللهُ تَعَالَى: ﴿وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودٗا [الإسراء: 78]؛ يَعْنِي: صَلاَة الْفَجْر، فَقَوْلُه تَعَالَى: ﴿مَشۡهُودٗا أي محضورًا تَحْضُرْه الْمَلاَئِكَة.


الشرح