وقوله صلى الله عليه وسلم: «أمَّا بعد» هذه الْجُمْلَةُ يُؤْتَى بها
لِلاِنْتِقَالِ من أُسْلُوبٍ إلى أُسْلُوبٍ آخَر، فهي كَلِمَةُ فَصْلٍ بين
كَلاَمَيْن.
وَقَوْله: «إنَّي بَشَر» فهو عليه الصلاة والسلام من بَنِي آدَم، ليس مَلَكًا من
الْمَلاَئِكَةِ وليس له من الرُّبوبيةِ شَيْء، ولهذا جَاء في كتابِ اللهِ قولُه
تَعَالَى: ﴿قُلۡ
إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ﴾
[الكهف: 110]؛ أَي: مَخْلُوق ممَّا يُخلقُ منه بَنُو آدَم من أبٍ وأمٍّ.
وهذا بِخِلاَفِ قَوْلِ أَهْلِ الضَّلالِ وَالانْحِرَافِ
الَّذِين يَقُولُون: إنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم مَخْلُوقٌ من نُور،
وَبَعْضُهِم يَقُوْل: إنَّه خُلِقَ عَلَيْه الصَّلاةُ وَالسَّلاَمُ قبلَ آدَم
عَلَيْه السَّلام!
وهذا وَنَحْوُه من الأَْقْوَالِ الْمُنْحَرِفَةِ إنَّما
هو من الغُلوَّ الْمَذْمُوم؛ إذ كَيْف خُلِق صلى الله عليه وسلم قبلَ آدَمَ عليه
السلام وهو من بَنِي آدَم؟! فالرَّسولُ صلى الله عليه وسلم بَشَرٌ وَإِنْسَانٌ من
بَنِي آدَم؛ فَقوله صلى الله عليه وسلم: «فإنَّما
أَنَا بَشَر» فيه إبْطَالُ الغُلوِّ في حقِّه صلى الله عليه وسلم، أو أن
يُقَال: إنَّه مَخْلُوقٌ من نُورٍ أو قبل آدَم، وقد دلَّ هذا الْحَدِيثُ على أنَّه
صلى الله عليه وسلم مخلوقٌ ممّا خُلِقَ منه بَنُو آدَم وَالأَْنْبِيَاءُ قَبْلَه
عَلَيْهِم الصَّلاَة والسَّلام.
وفِيَه أنَّه صلى الله عليه وسلم لا يُدعَى من دونِ
اللهِ ولا يُستغاثُ بِه، لأَنَّه بَشَر، وإنَّما الذي يُدعَى ويُستغاثُ به هو اللهُ
جل وعلا.
وقولُه صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكَ أن يأتيَني رسولُ رَبِّي» أَي: مَلَك الموتِ «فأُجيبَ» وقد جَاءَه رسولُ ربَّه ومات عليه الصلاة والسلام؛ ولهذا قال تَعَالَى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾ [الزُّمَر: 30] وَقَال: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٞ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد