×
شرح أصول الإيمان

وَاَللَّهُ جل وعلا يَقُوْل: ﴿وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ لَمَآ ءَاتَيۡتُكُم مِّن كِتَٰبٖ وَحِكۡمَةٖ ثُمَّ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ [آل عمران: 81] يَعْنِي: محمد صلى الله عليه وسلم﴿مُّصَدِّقٞ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَٰلِكُمۡ إِصۡرِيۖ [آل عمران: 81] أَي: عَهْدِي «لَقَد أَخَذ اللهُ تعالى الْمِيثَاقَ على الرُّسُلِ أنَّه إذا بَعَث الرَّسُولَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم أن يَتَّبِعُوه، فإذا كان الرُّسُل يَجِبُ عَلَيْهِم اتِّبَاعُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَكَيْف بِغَيْرِهِم؟!»

فَهَذَا فيه ردٌّ على الَّذِين يَقُولُون الآْن: إنَّ الْيَهُودَ على دِين، والنصارى على دِين، وَالْمُسْلِمَيْن على دِين، وَأَن كلًّا من الْيَهُودِ والنصارى إنَّما يَقْصِدُون الْوُصُولَ إلى اللهِ سبحانه وتعالى، وَأَن كلًّا من هَذَيْن الْفَرِيقَيْن تابعٌ لرسولٍ من الرُّسُل! كَيْف يَسْتَقِيمُ هذا مع أنَّه بعد بَعْثَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لا أَحَد يتْبَعُ إلاَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم.

قَال صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُْمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» ([1])، فَبَعْد بَعْثَةِ الرَّسُولِ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لا يَنْبَغِي لدينٍ أو مِلَّةٍ أن تَكُونَ إلاَّ مِلَّة الإسلام، وتلك الشَّرَائِعُ السَّابِقَةُ قد انْتَهَت ولا يَجُوزُ الْعَمَلُ بها بعد بَعَثَتِه صلى الله عليه وسلم.

وقوله تَعَالَى: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحۡمَةٗ وَذِكۡرَىٰ لِقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ [العنكبوت: 51] فَالْكِتَابُ الذي هو الْقُرْآنُ كافٍ، فلا يَنْبَغِي الذَّهَابُ إلى التَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيلِ أو إلى الزَّبور، كما لا يَجُوزُ الاِلْتِفَاتُ إلى غيرِ الْقُرْآنِ من


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (153).