×
شرح أصول الإيمان

وعن عَبْدِ اللهِ بنِ ثَابِتٍ بنِ الْحَارِث الأَْنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَال: دَخَل عُمَرُ رضي الله عنه على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بكتابٍ فيه مواضعُ من التَّوْرَاةِ فَقَال: هذه أصبتُها مع رَجُل من أَهْلِ الْكِتَاب أعرِضُها عَلَيْك، فَتَغَيَّر وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تغيُّرًا شديدًا لم أَر مثله قَطّ، فقال عَبْدُ اللهِ بن الْحَارِث لِعُمَر رضي الله عنه: أمَا تَرَى وَجْهِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ؟! فقال عُمَرُ: رَضِينَا بِاَللَّهِ ربًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمحمدٍ نبيًّا، فسُرِّي عن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَال: «لَوْ نَزَلَ مُوسَى فاتَّبعْتُمُوُه وتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُم، أَنَا حَظُّكُمْ مِنَ النَّبِيِّينَ، وَأَنْتُمْ حَظِّي مِنَ الأُْمَمِ». رَوَاه عَبْدُ الرَّازِق وَابْنُ سَعْد وَالْحَاكِم في «الكُنى» ([1]).

****

 هَذَا الْحَدِيثُ فيه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَنْكَرَ على عُمَر رضي الله عنه لمَّا رَأَى مَعَه شيئًا من الْكُتُبِ السَّابِقَة، فَظَهَر على وَجْهِه صلى الله عليه وسلم الاِسْتِنْكَارُ حَتَّى قَيْلَ لِعُمَر: إنَّه أَخْطَأ وَأَغْضَبَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

فَهَذَا فيه دَلِيلٌ أيضًا على أنَّه لا يَجُوزُ لَنَا الْعُدُولُ عن الْقُرْآنِ إلى الْكُتُبِ السَّابِقَة؛ لأَنَّهَا كتبٌ انْتَهَت، وَالْقُرْآنُ كافٍ وشاملٌ لِمَا فِيهَا من الْحَقِّ، فلا يَبْقَى كِتَابَان بِأَيْدِي الْمُسْلِمِين، وإنَّما هو كتابٌ وَاحِد هو كتابُ اللهِ سبحانه وتعالى؛ قال تَعَالَى: ﴿أَوَ لَمۡ يَكۡفِهِمۡ أَنَّآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡۚ [العنكبوت: 51].


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (15864)، والبيهقي في «الشعب» رقم (4836).