×
شرح أصول الإيمان

هَذَا حَقُّ اللهِ سبحانه وتعالى: عِبَادَته بِالأَْمْر؛ يَعْنِي: بِالشَّرْعِ لا بِهَوَى النُّفُوسِ كَالْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَات؛ لأَنَّهَا كُلُّهَا لِلشَّيْطَان، وَإِنْ كان صَاحِبُهَا يَظُنُّ أنَّه يَتَقَرَّبُ بها إلى اللَّه، وَلَكِن اللهَ جل وعلا لا يَرْضَى إلاَّ بِمَا شَرَع.

وَلَهَذَا قال ابنُ الْقَيِّمِ رحمه الله:

حَقّ الإِْلَه عبادةٌ بِالأَْمْر لا **** بِهَوَى النُّفُوس فَذَاك للشيطانِ

فَلا بدَّ من الْبَرَاءَةِ من الشِّرْك، فلا تَكْفِي عِبَادَةُ اللهِ وَحَدُهَا، لأنَّ الْمُشْرِكِين يَعْبُدُون اللهَ وَلَكَنَّهُم يَعْبُدُون مَعَه غَيْرُه، فعبادتُهم لِلَّه بَاطِلَةٌ لأَنَّهُم لم يَتْرُكُوا الشِّرْك، فهم يَعْبُدُون اللهَ وَيَعْبُدُون مَعَه غَيْرُه.

وَلَهَذَا قال ابنُ الْقَيِّمِ رحمه الله: «ومن غير إشراكٍ به شيئًا». وَقَوْله: «مَا» أَي: الإِْخْلاَص وَالْمُتَابَعَة لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، ثم ذكرَ أنَّ النَّاسَ بعد ذلك مُنْقَسِمُون، فَمِنْهُم الْمُشْرِكُ ومنهم الْمُبْتَدِعُ غيرُ الْمُشْرِك، ومنهم من جَمَع الْوَصْفَيْن: الشِّرْك وَالْبِدْعَة؛ ولهذا قَال:

وَالنَّاس بعد فمشركٌ بإلهه **** أَو ذو ابتداعٍ أو له الْوَصْفَان

فَلَم يَنْجُ من النَّاسِ إلاَّ من جَمَع بين الإِْخْلاَصِ وبين الْمُتَابَعَةِ لِلرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وأمَّا بَقِيَّةُ النَّاسِ فَلَم يَخْرُجُوا عن بَقِيَّةِ هذه الأَْقْسَامِ الثَّلاَثَة: إمَّا مُشْرِكُون، وإما مُبْتَدِعَة، وإما جَامِعُون بين الْوَصْفَيْن: الشِّرْكِ وَالاِبْتِدَاعِ في الدِّيْن، فَيَنْبَغِي التَّنَبُّه لِهَذَا، فهذا هو حَقُّ اللهِ سبحانه وتعالى وهو الْحَقُّ الأَْوَّل.

وَالْحَقُّ الثَّانِي: هو حَقُّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، لَكِنَّه بعد حَقِّ اللهِ جل وعلا، فلا يُخلَط حَقُّ الرَّسُولِ مع حَقِّ اللهِ تَعَالَى، ولهذا قال ابنُ الْقَيِّم رحمه الله:


الشرح