×
شرح أصول الإيمان

وَاسْتِطَاعَة، فلا يَنْبَغِي لهم أن يَتْرُكُوا الْجِهَاد؛ لأَنَّه واجبٌ وفرضٌ من فُرُوضِ الإسلام، وأمّا الدِّفَاعُ فكلُّ الخَلْقِ يدافعون عن أنفُسِهم، حَتَّى الْبَهَائِم تَدَافُع عن نَفْسِهَا، فكلُّ من اعتُدي عَلَيْه يُدافِع عن نَفْسِه، فهذا لا يَحْتَاجُ إلى أمرٍ من الْخَالِق جل وعلا، لأَنَّه أمرٌ فِطْريّ وغير خاصٍّ بِالْمُسْلِمِين ولا بِغَيْرِهِم، فلا يَحْتَاجُ إلى نُزُولِ آيةٍ أو أمرٍ إلى الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم وإلى الْمُؤْمِنِين، لكنَّ الْكَلاَمَ هُنَا في الْحَدِيث إنَّما هو عن جِهَادِ الكفَّارِ لنَشرِ الإسلامِ وَإِزَالَةِ الشَّرك، وهذا من أَعْظَمِ فَرَائِضِ الإسلام، وقد جَعَلَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذِرْوَةَ سَنَامِ الإسلام ([1]).

فَلا يَنْبَغِي الاِلْتِفَاتُ إلى مَقَالَةِ من يُهوِّلون أَمْرَ الْجِهَادِ لِإِرْضَاءِ الْكُفَّارِ بِالْقَوْلِ لَهُم: إنَّما نَحْن إخْوَةٌ في الإِْنْسَانِيَّةِ ودينُنا دينُ مسالَمةٍ مع غيرِ الْمُسْلِمِين، وليس في دِينِنَا أن نُقاتلَ من هُم على غيرِ ملَّتِنا، وَنَحْو ذلك من الْمَقَالاَت التي لم يَأْمُرْهُم اللهُ بها، فكلُّ هذا الْكَلاَمِ وشِبهُه من بابِ تَعْطِيلِ الْجِهَادِ الذي أَمْرَ اللهُ به نبيَّه صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمَيْن، وهو جَحْدٌ لرُكنٍ من أَرْكَانِ الإسلام؛ لأنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ عَدَّ الْجِهَاد ركنًا من أَرْكَانِ الإسلام، فَجَعَلَه الرُّكنَ السَّادِسَ من أَرْكَانِ الإسلام.

وقولُه صلى الله عليه وسلم: «حَتَّى يَشْهَدُوا أن لا إلَه إلاَّ الله» لم يَقُل صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَكُفُّوا أَذَاهُم، لَيُصْبِح الأَمْرُ مجرَّدَ دِفَاعٍ عن النَّفْس، وإنَّما قال صلى الله عليه وسلم: «حَتَّى يَشْهَدُوا أن لا إلَه إلاَّ الله» فَالْغَايَةُ التي يَنْتَهِي عِنْدَهَا قَتَّالُ النَّاسِ هي عند شَهَادَتُهُم أنْ لا إلَه إلاَّ اللَّه.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (22016).