×
شرح أصول الإيمان

 وإذا تَعَارَض شَيْءٌ مع محبَّةِ اللهِ تعالى ومحبَّةِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم فإنَّه يَتْرُك ويتخلَّى عن هذا الشَّيْء، فَيَتْرُك الوطنَ والمالَ والولدَ والوالدَ أو أي شَيْء آخَر من أَجْلِ محبَّةِ اللهِ تعالى وَرَسُوله صلى الله عليه وسلم؛ قال تَعَالَى: ﴿قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَآ أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ [التوبة: 24] فَتَقْدِيم ما يحبُّه اللهُ وَرَسُولُه على ما تُحبُّه النَّفْسُ إنَّما هو عَلاَمَةُ محبَّةِ اللهِ وَرَسُولِه، وأمَّا إن كان الْعَكْس وذلك بِتَقْدِيمِ ما تحبُّه النَّفْس على ما يحبُّه اللهُ وَرَسُولُه كان ذلك عَلاَمَةً من عَلاَمَاتِ الْفِسْق.

وفي الْحَدِيث: بَيَان أنَّه يَنْبَغِي أن تَكُونَ محبَّةُ اللهِ تعالى أولاً وَقَبْل كلِّ شَيْء وَبعْدهَا محبَّةُ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ كثيرًا من الْمُبْتَدِعَة لا يَلْهَجُون إلاَّ بمحبَّةِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم ولا يَذْكُرُون محبَّةَ اللهِ تعالى ولا تَأْتِي لهم على لِسَان، مع أنَّ الأَْصْلَ في هذا هو محبَّةُ اللهِ تَعَالَى، وفي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ محبَّةُ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «أن يكونَ اللهُ وَرَسُولُه أحبَّ إلَيْه مِمَّا سِوَاهُمَا» فقدَّم اللهَ تعالى أولاً ثم ذكر نفسَه صلى الله عليه وسلم.

وقولُه صلى الله عليه وسلم: «وأنْ يُحبَّ المرءَ لا يُحبُّه إلاَّ لِلَّه» أَي: بعد أن يكونَ اللهُ تعالى وَرَسُولُه صلى الله عليه وسلم أحبَّ إلَيْه من كلِّ شَيْء، يَنْبَغِي للمرءِ الْمُسْلِم أن يُحبَّ ما يُحبُّه الله تعالى من الأَْشْخَاص، وَأَن يَتْرُك ما يَكرهه الله تعالى من الأَْشْخَاص، فيُحبُّ ما يحبُّه ويُبغضُ ما يُبْغِضُه اللهُ تَعَالَى؛ لأنَّ هذا من عَلاَمَةِ صَدَقِ محبَّةِ اللهِ تعالى ومحبَّةِ رَسُولِه صلى الله عليه وسلم.


الشرح