وَقَال صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ المَهْديِّين» ([1]).
وَقَال أيضًا صلى الله عليه وسلم: «إنَّي تَارِكٌ فِيكُم ما إنْ تَمَسَّكْتُم به لَن تَضِلُّوا بَعْدِي،
كِتَابَ اللهِ وسُنَّتي» ([2]).
وَالْمُرَاد بِكِتَابِ اللَّه:
الْقُرْآنُ، وَالْمُرَادُ بالسُّنةِ: ما كان عَلَيْه صلى الله عليه وسلم من
الطَّرِيقَةِ وَالأَْقْوَالِ وَالأَْفْعَالِ والتقريرات الْوَارِدَةِ عَنْه صلى
الله عليه وسلم؛ لأنَّ السُّنةَ تفسِّرُ الْقُرْآنَ وتوضِّحُه وتدلُّ عَلَيْه، وهي
الْوَحْيُ الثَّانِي، وهي الْحِكْمَةُ، قال تَعَالَى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّۧنَ رَسُولٗا
مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ
وَٱلۡحِكۡمَةَ﴾ [الجمعة: 2]. فلا نجاةَ
إلاَّ بالتمسُّك بسُنَّة الرَّسول صلى الله عليه وسلم.
ولا شكَّ أنَّ أَصْلَ سُنَّةِ الرَّسولِ هو التمسُّكُ
بِالْقُرْآنِ الْكَرِيم؛ فَقَوْلُه: «والسُّنّة»
أَي: الْقُرْآن؛ لأنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ هو الأَْصْلُ، فلا نَجَاةَ إلاَّ
بالتَّمسُّكِ بالسُّنةِ في كلِّ وُقِّتٍ وفي كلِّ زَمَان، فمَن حَاد عن السُّنةِ
وَأَخْذ بِغَيْرِهَا هَلَك، ومن أَخَذ بها وَسَار عليها نَجَا، سَوَاءٌ كانت
السُّنةُ في الْعَقِيدَةِ أو في الْعِبَادَاتِ أو في الْمُعَامَلاَتِ أو في الآْدَابِ
وَالأَْخْلاَق، فالسُّنةُ عامَّةٌ وأَوْلى ذلك في الْعَقِيدَةِ التي دَعَا
إِلَيْهَا الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، فقد كان أَوَّلُ ما دَعَا إلَيْه
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كغيرِه من الأَْنْبِيَاءِ هو التَّوْحِيدُ
وَإِصْلاَحُ الْعَقِيدَة، ثم بعد ذلك يَأْتِي الْعَمَلُ فِيْمَا دَعَوْا إلَيْه
عَلَيْهِم الصَّلاةُ وَالسَّلاَم.
وَقَوْله: «وتَرْك البِدَع» فقد نَهَى صلى الله عليه وسلم عن المُحدَثاتِ
وَالْبِدَع؛ لأَنَّهَا مُخَالفَةٌ للسُّنةِ النَّبَوِيَّة الشَّرِيفَة.
والبِدَع: جَمَع بِدْعَة: وهي كلُّ ما أُحدثَ في الدِّين مِمَّا ليس منه،
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (44)، وأحمد رقم (17142).