×
شرح أصول الإيمان

 فلا يُقلِّدون أحدًا إلاَّ أَهْل الْخَيْر والدِّينِ وَالصَّلاَحِ من الْمُسْلِمِين، ولا يُقلِّدون أَهْل الضَّلالِ وَالْكُفْرِ وَالإِْلْحَادِ، بل يترفَّعون عن ذلك ويستقلُّون بشخصيَّتهم، وَإِنْ كان بَعْض من يتشبَّهون بالكفَّار يُرِيد الرُّقِيَّ وَالْكَمَالَ فَيَرَى أَنَّهُم مُتقدِّمون في الْجَانِب الحضاريِّ والتَّشبُّه بهم في زَعْمِه- رُقيٌّ، وهو في حَقِيقَتِه ضَلاَلٌ.

فَقَد قال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «نَحْنُ أُمَّةٌ أَعَزَّنَا اللهُ بِالإِْسْلاَمِ، فَمَهْمَا ابْتَغَيْنَا الْعِزَّةَ بِغَيْرِهِ أَذَلَّنَا اللهُ» ([1]).

وَقَد أَخْبَر الرَّسول صلى الله عليه وسلم أنَّ التَّشبُّه سَيَكُون «حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ»؛ يعني: لا يُترَك شَيْءٌ من أَفْعَالِهِم إلاَّ وَيَفْعَلُه المُتشبِّه بهم، حتَّى يُصبح مِثْلَهُم كما يُشْبه النَّعلُ النَّعلَ الآَخَر، سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ، فيُقلِّدهم ويتشبَّه بهم في كلِّ شَيْءٍ.

وما يَجْرِي في وَقْتِنَا الْحَاضِرِ يَشْهَد لذلك، فقد أَصْبَح تَقْلِيد الكُفَّار والتَّشبُّه بهم مُنتشرًا حتَّى في الأُْمُور التَّافِهَةِ والحقيرةِ، فيتَّخذونها على أنَّها من الرُّقيِّ وَالتَّقَدُّمِ، وهم يَعْلَمُون أنَّها تَافِهَةٌ وَحَقِيرَةٌ، لا لِشَيْءٍ إلاَّ لأنَّ الكُفَّار يَفْعَلُونَهَا، فهذا مِصْدَاق قوله صلى الله عليه وسلم: «حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ»؛ وفي حَدِيث: «حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبَعْتُمُوهُمْ» ([2]).

بَل هناك ما هو أشدُّ من ذلك، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمِّهِ عَلاَنَيَةَ لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ».


الشرح

([1])  أخرجه: ابن أبي شيبه رقم (33847)، والحاكم رقم (207).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (6889)، ومسلم رقم (2669).