والتَّشبُّه بِالْكَافِر في وَقْتِنَا الْحَاضِرِ على
مِصْرَاعَيْهِ، وَرُبَّمَا يَبْلُغ إلى الحدِّ الذي ذَكَرَه الرَّسول صلى الله
عليه وسلم؛ فإذا كان الزِّنا مُحرَّمًا وهو من أشدِّ الْكَبَائِر؛ وقد قال تعالى: ﴿وَلَا
تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا﴾ [الإسراء: 32]. فَكَيْف إذا كان هذا في ذَات مَحْرَمٍ،
فهو أشدُّ، وَكَيْف إذا كان بِالأُْمِّ، فهو أشدُّ وَأَشْنَعُ، ولكن سَيَبْلُغ
التَّشبُّه وَالتَّقْلِيدُ لِلْكُفَّار لِدَرَجَة أنَّه إنْ كان فِيهِم من يَزْنِي
بأُمِّه عَلاَنِيَةً، فَسَيَكُون في هذه الأمَّة من يَزْنِي بأُمِّه؛ وهذا
تَحْذِير منه صلى الله عليه وسلم بِأَلاَّ تَنساقَ وَرَاء التَّشبُّه بالكُفَّار.
وقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «وَإنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى
ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ مِلَّةً» فَالْيَهُودُ والنَّصَارَى كَذَلِك
افْتَرَقُوا في دِينِهِم، فَالنَّصَارَى افْتَرَقَت إلى إحْدَى وَسَبْعِيْن
فِرْقَةً، وَالْيَهُود افْتَرَقُوا على ثِنْتَيْن وَسَبْعِيْن فِرْقَةً،
وَسَتَفْتَرِق هذه الأُْمَّةُ على ثَلاَث وَسَبْعِيْن فِرْقَةً.
وكلُّ هذا من باب التَّشبُّه بِالْيَهُودِ والنَّصَارَى،
لمَّا افْتَرَقُوا في دِينِهِم تشبَّه بهم من هذه الأمَّةِ من تفرَّقوا في
دِينِهِم، مع أنَّ الْوَاجِب هو أن يكون الدِّين واحدًا، لا اخْتِلاَف فيه ولا
تفرُّق؛ قال تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ
بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ﴾
[آل عمران: 103].
وَقال سُبْحَانَه: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ
مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ﴾
[آل عِمْرَان: 105].
وَقال تعالى: ﴿وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ﴾ [الأَْنْفَال: 46] فَالْوَاجِب على الْمُسْلِمِين هو اجْتِمَاع كَلِمَتُهُم على الْحَقِّ، وعلى كِتَاب الله وسُنَّة رَسُولِه صلى الله عليه وسلم وعلى عَدَم التَّفرُّق وَالاِخْتِلاَفِ، ولكن سَيَقَع ما قضى الله