×
شرح أصول الإيمان

 وقدَّر وَأَخْبَر عنه الرَّسُول صلى الله عليه وسلم من أنَّ هذه الأُمة سَتَفْتَرِق، وقد افْتَرَقَت على ثَلاَث وَسَبْعِيْن فِرْقَةً وَأَكْثَرَ.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّهَا فِي النَّارِ» هذا وعيدٌ منه صلى الله عليه وسلم لهذه الْفِرَق في أنَّه سَيَكُون منهم من هو في النَّار لِكُفْرِه إذا بَلَغ التَّفرُّق درجةَ الْكُفْر، ومنهم من يكون في النَّار لِضَلاَلِه، وقد يَدْخُل النَّار من لا يُخلَّد فِيهَا، بل يُعذَّب فيها ثم يُخْرَج منها، فهم كلُّهم متوعَّدون بِالنَّار، إمَّا لِكُفْرِهِم وإمَّا لِضَلاَلِهِم.

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «إلاَّ وَاحِدَةً» أي: كلُّهم متوعَّدون بِدُخُول النَّار إلاَّ فِرْقَةً وَاحِدَةً «قَالُوا: مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» فلا يَنْجُو من النَّار إلاَّ هذه الْفِرْقَة، ولذلك تُسمَّى الْفِرْقَةَ النَّاجِيَةَ، وهم أَهْل السُّنَّة وَالْجَمَاعَةِ؛ فتُسمَّى بالنَّاجِيَة؛ لأَنَّهَا نَجَتْ من النَّار بتمسُّكها بما كان عليه الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وأصحابُه، ولم يَفْتَرِقُوا وَيَخْتَلِفُوا.

قال صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيْرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينِ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورَ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([1])، فلا يَنْجُو من النَّار إلاَّ من كان على ما كان عليه الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُه، وأمَّا من خَالَف وَذَهَب مع الْفِرَق فإنَّه مُعرَّضٌ لِلْوَعِيد بِالنَّار.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (44)، وأحمد رقم (17142).