ولَهُ
عن أَبِي مَسْعُودٍ الأَْنْصَارِيِّ رضي الله عنه: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيَّ
صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنِّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي، فَقَالَ: «مَا
عِنْدِي»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ
يَحْمِلُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ
فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» ([1]).
****
فَيَجْرِي أجرُ الْعِلْم على
صَاحِبِه إلى يوم الْقِيَامَة، حتى وهو مَيِّتٌ، وفي هذا خَيْرٌ كَثِيرٌ.ففي
الْحَدِيث فَضْلُ الدَّعوة إلى الله عز وجل، وهي الدَّعوة إلى الحقَّ، وفيه
النَّهْيُ وَالتَّحْذِيرُ من الدَّعْوَة إلى الضَّلاَل، وفيه أنَّ الدُّعاة
يَنْقَسِمُون إلى قسمين: دُعاة هُدًى، ودُعاة ضَلاَلٍ، وهذا وَاقِعٌ في حَيَاة
النَّاس الْيَوْم، ودُعاة الضَّلاَل في وَقْتِنَا الْحَاضِرِ أَكْثَرُ من دُعاة
الْهُدَى، فلا يُغتَرُّ بهم.
وهذا الْحَدِيثُ كَسَابِقِه في
بَيَان عِظَم أجْرِ فعل الْخَيْر والدَّلالةِ عليه وَالدَّعْوَةِ إلَيْه، وأنَّ
أجْرَه يكون مِثْل أجْرِ فَاعِلِه.
وقَوْلُه:
«أُبدِعَ بِي» أي: انْقَطَعَت
رَاحِلَتِي، أو هلكتْ دابَّتي وهي مركوبي. فَطَلَب من النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم أن يَحمِلَه بأنْ يُعطيَهُ دابَّةً يَرْكَبُهَا ويُحْمل عَلَيْهَا، والنَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم اعْتَذَر إلَيْه بِقَوْلِه: «مَا عِنْدِي» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا أَدُلُّهُ
عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» وَالدَّلاَلَة على الْخَيْر تَشْمَل الخيرَ المعنويَّ، وَتَشْمَل كَذَلِك الدَّعوةَ إلى الله عز وجل، وَتَعْلِيمَ الْعِلْمِ النَّافِعِ، يَدْخُل في ذلك من دلَّ أحدًا على آخَر يُعينه، كمَن دلَّ مُحتاجًا على واحدٍ من الْمُحْسِنِين ليُعينه، فَلَه من الأَْجْر مثل أَجْر المُحسِن الذي حقَّق طَلَب هذا الْمُحْتَاج.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1893).
الصفحة 3 / 339