ويقولون: غُيِّرَت السُّنَّة لِجَهْلِهِم بذلك،
فدلَّ هذا على أنَّه يَجِب الْمُبَادَرَة لِإِنْكَار الْبِدَع وَالْمُحْدَثَاتِ،
ولا يَجُوز السُّكوت عَنْهَا؛ لأَنَّه إذا سُكَت عنها تَوَارَثَهَا الناسُ
واحتجُّوا بها.
وقَوْلُه: «قَالُوا: وَمَتَى ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟» هذه
كُنْيَتُه رضي الله عنه، وَاسْمُه عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ بْنِ غَافِلٍ
الهُذَلِيِّ، من السَّابِقِين الأوَّلين إلى الإسلام.
وقَوْلُه: «إِذَا كَثُرَ قُرَّاؤُكُمْ وَقَلَّ فُقَهَاؤُكُمْ» الْفِقْه: هو
الفَهْم في دِين الله عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُردِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّيْنِ» ([1]).
وَقال تعالى: ﴿فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ﴾ [التوبة: 122]، فَلَم يَقُل جل وعلا: لِيَحْفَظُوا أو لِيَقْرَءُوا وإنَّما قال: ﴿لِّيَتَفَقَّهُواْ﴾، فَالْمَدَار هُنَا على الْفِقْه وَالْفَهْم عن الله وَرَسُولِه، وأمَّا الذي يَحفظ النُّصُوص، وَيَقْرَؤُهَا ويُكْثِرُ الْمُطَالَعَة في الْكُتُب دون أن يَفْهَمَهَا، فهو من القُرَّاء وليس من الْفُقَهَاء، ومثل هذا يَكْثُر في آخِر الزَّمان؛ حيث يَكْثُر القُرَّاء الذين يَحْفَظُون النُّصُوص ويطَّلعِون على الْكُتُب وليس عِنْدَهُم فِقْهٌ وفهمٌ لما تدلُّ عليه، وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءَ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» ([2]).
([1])أخرجه: البخاري رقم (71)، ومسلم رقم (1037).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد