×
شرح أصول الإيمان

قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا [النساء: 82]، فَكَلاَم الله جل وعلا مَعْصُومٌ من الاِخْتِلاَف ومِن أنْ يُناقض بعضُه بعضًا، بل يُصدِّق بعضُه بعضًا ويُفسِّر بعضُه بعضًا، وقد قال الله جل وعلا: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۡهُ ءَايَٰتٞ مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰتٞۖ [آل عمران: 7].

فَهُنَاك آيَاتٌ وَاضِحَةٌ في نَفْسِهَا وهي المُحكَمة، وهناك آيَاتٌ يُحْتَاج في تَفْسِيرِهَا لآَيَاتٍ أُخْرَى، لأَنَّه لا يتَّضح الْمَطْلُوب منها في نَفْسِهَا بل لا بُدَّ من ضمِّها إلى الآْيَات المُحكَمة لتُفسِّرها.

فَطَرِيقَة الرَّاسِخِين في الْعِلْم: أَنَّهُم يُفسِّرون كَلاَم الله بَعْضَه بِبَعْضٍ، فالمُطلَق منه تُقيِّده آيَاتٌ أُخْرَى، والمُجمَل تُوضِّحه آيَاتٌ أُخْرَى، وهناك آيَاتٌ مَنْسُوخَةٌ تَنْسَخُهَا آيَاتٌ أُخْرَى، وهذا يَحْتَاج إلى مَعْرِفَةٍ بِكِتَاب الله عز وجل، فلا يَجُوز لِلإِْنْسَان أن يَدْخُل في تَفْسِير كِتَاب الله دون أن يكون عِنْدَه أُصُولٌ يَعْرِف بها كَيْف يُفسِّر كَلاَم الله؛ ولذلك وَضَع الْعُلَمَاء قَوَاعِدَ لِلتَّفْسِير تُسمَّى أصولَ التَّفْسِير، ولا بُدَّ لِطَالِب الْعِلْم أن يَعْرِف هذه الْقَوَاعِدَ وهذه الأُْصُولَ.

وأمَّا الذين في قُلُوبهم زَيْغٌ، هدْفُهم التَّلْبِيسُ على النَّاس، وَتَشْكِيكُهُم في دِينِهِم، فَإِنَّهُم يَأْخُذُون الْمُتَشَابِه وَيَسْتَدِلُّون به دون أن يرُدُّوه إلى المُحكَم، وسيأتي في الْحَدِيث: «إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِيْنَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللهُ فَاحْذَرُوهُمْ» ([1]).


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4273)، ومسلم رقم (2665).