وهناك صِنْفٌ آخَرُ ليس عِنْدَهُم زَيْغٌ وإنَّما عِنْدَهُم
جَهلٌ فلا يُتقنون تَفْسِير الْقُرْآن على الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ، فَيَأْخُذُون
الآْيَاتِ الْمُتَشَابِهَاتِ دون أن يرُدُّوها إلى المُحكَمة وَيَسْتَدِلُّون بها
لا عن زيغٍ ولكن عن جَهِلٍ، وهذا حَرَامٌ ولا يَجُوز.
وَالأَْوَّل كُفْرٌ، لأنَّ الذي يَقْصِد التَّلْبِيس فهو
كافرٌ، وأمَّا الذي حَمَلَه الجهلُ على هذا الْمَدْخَل فهذا يُعْتَبَر ضالًّا،
وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ
قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»
([1]).
وَقال: «مَنْ
قَالَ فِي كِتَاب الله عز وجل بِرَأْيِهِ فقد أَخْطَأ ولو أَصَاب» ([2])،
فَكِتَاب الله جل وعلا يُجَلُّ ويُعظَّم فلا يَنْبَغِي أن يَدْخُل في تَفْسِيرِه
وَالاِسْتِدْلاَلِ به إلاَّ أَهْلُ الْعِلْم والرُّسوخِ، قال تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ
أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۡهُ ءَايَٰتٞ مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ﴾ [آل عمران: 7] والأمُّ هي التي يَرجع إِلَيْهَا
الشَّيْء ﴿وَأُخَرُ
مُتَشَٰبِهَٰتٞۖ﴾ [آل
عمران: 7].
·
وَالنَّاس
في ذلك قد انْقَسَمُوا إلى قسمين:
الأَْوَّل: وهم أَهْل
الزَّيغ الذين أَخَذُوا الْمُتَشَابِه وَتَرَكُوا المُحكَم بِقَصْد التَّضْلِيل.
الثَّانِي: وهم أَهْل الرُّسُوخ في الْعِلْم وهم الذين يردُّون الْمُتَشَابِه إلى الْمُحْكَم. ويقولون: كُلٌّ من عند ربِّنا، المُحكَم وَالْمُتَشَابِه، فلا يَأْخُذُون طرَفًا وَيَتْرُكُون الطَّرَف الثَّانِي، لأنَّ كَلاَم الله يُفسِّر بعضُه بعضًا.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2950)، وأحمد رقم (2069).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد