×
شرح أصول الإيمان

والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في هذا الْحَدِيثِ خَرَج على الصَّحَابَة وهم يَبْحَثُون في بَعْض الآْيَات المُشكِلَةِ، فوجَّههم صلى الله عليه وسلم وقال: «فَلاَ تُكَذِّبُوا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، فَمَا عَلِمْتُمْ مِنْهُ فَقُولُوا، وَمَا جَهِلْتُمْ فَكِلُوهُ إِلَى عَالِمِهِ»؛ لأنَّ الذي لا يُحسن ولا يُتقن فهْمَ كَلاَم الله لا يَدْخُل في تَفْسِيرِه، ويتقوَّل على الله بِأَنَّه أَرَاد كَذَا وكَذَا، ففي هذا خَطَرٌ عَظِيمٌ عليه وعلى غَيْرِه، فإذا كان لا يَعْلَم فليتوقَّف ويَرُدَّ عِلْمَه إلى عالمِه سبحانه وتعالى.

وَالْحَاصِل: أنَّ كَلاَم الله عز وجل لا يَجُوز الْخَوْضُ فيه إلاَّ بعلمٍ وبصيرةٍ وإلمامٍ بِقَوَاعِدَ وَضَوَابِطَ تَفْسِيرِه.

وقَوْلُه: «يَتَدَارَءُون في الْقُرْآن» أي: يَتَدَافَعُون فيُبدي كُلُّ وَاحِدٍ رَأْيَه وَيُخَطِّئ الآَخَر فَيَخْتَلِفُون في تَفْسِيرِه.

وقَوْلُه: «إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قِبَلَكُمْ» أي: من الْيَهُودِ والنَّصَارَى، فحرَّفوا التَّوراة وَالإِْنْجِيلَ وغيَّروا فِيهِمَا فَهَلَكُوا.

وقَوْلُه: «ضَرَبُوا كِتَابَ الله بعضَه ببعضٍ» يعني: جَعَلُوا بعضَه يُعارض بعضًا، في حين أنَّه لا يَتَعَارَض أبدًا، ولكنَّ هذا يَحْتَاج إلى علمٍ وَبَصِيرَةٍ؛ لئلاَّ يَقَع هذا التَّعَارُضُ المزعومُ.

وقَوْلُه: «وَإِنَّمَا نَزَلَ كِتَابُ الله يُصدِّقُ بَعضَه بَعضًا...» إلَخ ومن ذلك قَوْلُه تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا وَصِيَّةٗ لِّأَزۡوَٰجِهِم مَّتَٰعًا إِلَى ٱلۡحَوۡلِ غَيۡرَ إِخۡرَاجٖۚ [البقرة: 240].

وقَوْلُه تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ [البقرة: 234]، فَالآْيَتَان مُخْتَلِفَتَان في الظَّاهِر، فَوَاحِدَةٌ تُوجِب


الشرح