العِدَّة سَنَةً، والأُخْرَى تُوجِب العِدَّة
أَرْبَعَة أَشْهُرٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ، وفي هذا يقول الْعُلَمَاء: إنَّ آيَة
الحَوْل مَنْسُوخَةٌ بِآيَة الأَْرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ؛
فالعِدَّة لِلْوَفَاة أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ، وأمَّا الْمَتَاع
لِلْحَوْل فهذا كان في أَوَّل الأَمْر ثم نُسِخ، وَالْقُرْآن يَدْخُلُه النَّسْخ.
قال تعالى: ﴿مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَايَةٍ أَوۡ نُنسِهَا نَأۡتِ بِخَيۡرٖ
مِّنۡهَآ أَوۡ مِثۡلِهَآۗ﴾
[البقرة: 106]، فلا تَعَارُض بين الآْيَتَيْن لأنَّ الْعَمَل على الآْيَة
الأُوْلَى، وأمَّا الثَّانِيَة فهي مَنْسُوخَةٌ.
وفي مثل قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ
إِن تَرَكَ خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ لِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ
حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِينَ﴾
[البقرة: 180]، فهذه فيها الأَمْر بِالْوَصِيَّة لِلْوَالِدَيْن، وهي مَنْسُوخَةٌُ
بِآيَة الْمَوَارِيث: ﴿يُوصِيكُمُ
ٱللَّهُ فِيٓ أَوۡلَٰدِكُمۡۖ لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۚ فَإِن كُنَّ
نِسَآءٗ فَوۡقَ ٱثۡنَتَيۡنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَۖ وَإِن كَانَتۡ
وَٰحِدَةٗ فَلَهَا ٱلنِّصۡفُۚ وَلِأَبَوَيۡهِ لِكُلِّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا ٱلسُّدُسُ
مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُۥ وَلَدٞۚ فَإِن لَّمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلَدٞ
وَوَرِثَهُۥٓ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ ٱلثُّلُثُۚ﴾
[النساء: 11].
وَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ
حَقَّهُ فَلاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» ([1])؛
فلا يُجمع لِلْوَالِدَيْن بين الْمِيرَاث وَالْوَصِيَّة.
وَمِثْل هذا الاِسْتِنْبَاط وَالْفَهْم يَحْتَاج إلى عِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ، وَأُصُول التَّفْسِير تُبيِّن هذه الْقَوَاعِدَ وتُوضِّحها، وكذلك سُنَّةُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم تُفسِّر الْقُرْآن وتُوضِّحه.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (2870)، وابن ماجه رقم (2713)، وأحمد رقم (22294).