×
شرح أصول الإيمان

وَمِثَال ذلك قَوْلُه تعالى: ﴿وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا [المائدة: 38]، فَلَم تَذْكُرِ الآْيَة من أَيْن تُقطع الْيَدُ، ولكنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بيَّن أنَّها تُقطع من مَفصِل الكفِّ من الذِّراع، فقد بيَّنَتْهُ السُّنَّةُ الْعَمَلِيَّةُ مِن الرَّسول صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لَمْ تَذْكُرِ الآْيَةُ أيَّتَهما تُقْطَع الْيُمْنَى أَم الْيُسْرَى، وقد جَاء في قِرَاءَة ﴿فاقطعوا أيمانهما ([1])، فهذه الْقِرَاءَةُ تُفسِّر الْمُطْلَق، وهذا يَحْتَاج إلى سَعَة عِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ. وكذا قَوْلُه تعالى: ﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ [البقرة: 43] فَلَم يُذْكَر في الآْيَة عَدَد الرَّكَعَات وَهَيْئَاتِهَا، ولا عَدَدَ الصَّلوات، فلا نَجِد بَيَان هذا وَتَوْضِيحَه إلاَّ في السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ.

وَقَد بُيِّن في آيَاتٍ أُخْرَى أَوْقَاتُ الصَّلَوَات ومن ذلك قَوْلُه تعالى: ﴿أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمۡسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيۡلِ وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودٗا [الإسراء: 78].

وقَوْلُه تعالى: ﴿فَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ حِينَ تُمۡسُونَ وَحِينَ تُصۡبِحُونَ ١٧وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَعَشِيّٗا وَحِينَ تُظۡهِرُونَ ١٨ [الرُّوم: 17 18]، فيُفسِّر الْقُرْآن بَعْضُه بعضًا، والسُّنَّةُ كَذَلِك تُفسِّره.

ومن ذلك: لا نَجِد مَقَادِير الزَّكَاة الْمُسْتَحَقَّةِ من الأَْغْنِيَاء لِلْفُقَرَاء، وما هي الأَْمْوَال التي تَجِب فِيهَا، ومتى تَجِبُ، وَكَمِ النِّصاب، فهذا وَغَيْرُه بَيَّنَتْهُ السُّنَّة النَّبَوِيَّةُ الشَّرِيفَةُ، فلا بُدَّ من التَّعقُّل في هذه الأُْمُورِ وَتَرْكِهَا لأَِصْحَاب الرُّسوخ في الْعِلْم الذين يُفسِّرون كَلاَم الله بَعْضَه بِبَعْضٍ أو بسُنَّةِ رَسُولِه صلى الله عليه وسلم الْقَوْلِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ.


الشرح

([1])  وبها قرأ ابن مسعود رضي الله عنه. انظر: « جامع البيان » لابن جرير الطبري (4/569).