×
شرح أصول الإيمان

وفيهما عن أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ مَا بَعثَنِي اللهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا؛ فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللهُ بِهِ النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوا وزَرَعُوا، وَأَصَابَ مِنْهَا طَائِفَةٌ أُخْرَى إنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعثَنِي اللهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ» ([1]).

****

 بِجَهْلِه، فَإِنْ جَهِلَه أحدٌ فهو على خَطَرٍ عَظِيمٍ، فتعلُّم الإِْنْسَان ما لا يَسْتَقِيم دِينُه إلاَّ به فهو فَرْضُ عينٍ.

وأمّا ما زَاد على ذلك من فِقْه الْمُعَامَلاَت وَالْمَوَارِيثِ وَالأَْنْكِحَةِ وَالطَّلاَقِ وَالْقَضَاءِ فهو فَرْض كِفَايَةٍ، إذا قَامَ به من يَكْفِي من الأُمَّة سَقَط الإِْثم عن الْبَاقِين، وإذا تَرَكُوه كلُّهم أَثِموا جميعًا؛ لأَنَّه لا بُدَّ وَأَن يُوجَد هذا الْعِلْمَ حتَّى يَقُوم الْعُلَمَاء في الْحُكْم به بين النَّاس في مُعَامَلاَتِهِم ومواريثِهم وَأَنْكِحَتِهِم وفي الْقَضَاء فِيْمَا بَيْنَهُم.

هذا الْحَدِيثُ مُتَضَمِّنٌ لِلأَْمْثِلَة النَّبَوِيَّةِ؛ والله جل وعلا يَضرب الأمثالَ للنَّاس، وكذلك النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَضْرِب الأَْمْثَالَ لِتَوْضِيح الأَحْكَام وترسيخِها في الأَْذْهَان، وهذا مَثَلٌ عَظِيمٌ من الأَْمْثَالِ النَّبَوِيَّةِ.

فَقَد شبَّه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم العلمَ الذي جَاء به من الْكِتَاب والسُّنَّةِ بِالْغَيْث الْكَثِيرِ الذي أَصَاب الأَرْض فَأَحْيَاهَا، وكذلك الْعِلْم فإنَّه تَحْيَا به


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (79)، ومسلم رقم (2282).