×
شرح أصول الإيمان

 الْقُلُوبُ، ثم قسَّم صلى الله عليه وسلم النَّاسَ مع الْعِلْم إلى ثَلاَثَة أَقْسَامٍ كَأَقْسَام الأَرْض تمامًا.

·       فَالأَْرْض إذا نَزَل عليها الْمَطَر تَنْقَسِم إلى ثَلاَثَة أَقْسَامٍ:

الْقِسْم الأَْوَّلِ: الذي يَحْفَظ الْمَاء في الخَوَابي وَالأَْتْرِبَة فيُنبت الْكَلَأ وَالْعُشْبَ؛ فَيَجْتَمِع فيه حِفْظ الْمَاء وَالإِْنْبَاتُ، فَيَنْتَفِع النَّاس بالسَّقْي والرَّيِّ، وَيَنْتَفِعُون بِالْعُشْب وَالْكَلَأِ، وهذا مَثَلُه كَمَثَل الْفُقَهَاء المُحدِّثين الذين حَفِظُوا النُّصوص وتفقَّهوا فيها وبيَّنوا فِقْهَهَا لِلنَّاس فشرحوها ووضَّحوها، كالأرض التي جَمِعَت الْمَاءَ وَأَنْبَتَت الْكَلَأَ، فحِفظُ الْعُلَمَاء لِلنُّصُوص وَالأَْحَادِيثِ مَثَلُه كمَثَل جَمْعِ الْمَاء في الغُدْران وفي بَاطِن الأَرْض، وتفقُّهُهم مَثَلُه كَمَثَل إنْبَات الْكَلَأِ، فهؤلاء يُقال لهم فُقَهَاء الْحَدِيث كالإمام أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكِ وَالْبُخَارِيِّ وَنَحْوِهِم ممّن جَمَع بين الْحِفْظ وَالْفَهْم الذي هو الْفِقْه، وهؤلاء أَفْضَل طَبَقَات الْعُلَمَاء.

وَالْقِسْم الثَّانِي: هي الأَرْض الصُّلْبةِ التي لا تُنبِت ولا تُنتِج وَلِكِنَّهَا مشتملةٌ على مخابئ الْمَاء التي يَنْتَفِع بها النَّاس فَيَشْرَبُون منها، ومَثَلُ ذلك كمَثَل حُفَّاظ الْحَدِيث وَالنُّصُوصِ الذين اعْتَنَوْا بِأَسَانِيدِهَا وميَّزوا الصَّحِيح منها عن غَيْرِه، فاعتَنَوا بِحِفْظ السُّنَّة دون أن يكون لَدَيْهِم فِقْهٌ بِهَذِه النُّصُوص، فَكَمَا تَنْفَع الأَرْض الجدباءُ التي تحتفظ بِالْمَاء الذي يَنْتَفِع به النَّاس فَكَذَلِك يَنْفَع هَؤُلاَء الحُفَّاظ النَّاسَ بما حَفِظُوه لهم من النُّصُوص التي نَفَع الله بها بِسَبَب حِفْظِهِم لسُنَّة نَبِيِّه صلى الله عليه وسلم، وتدوينِهم لَهَا، فهؤلاء فِيهِم خَيْرٌ كَثِيرٌ لا يَصِل إلى دَرَجَة الصِّنْف الأَْوَّلِ الذين جَمَعُوا بين الْحِفْظ وَالْفِقْه.


الشرح