أَهْل الْعِلْم وَأَفْضَلَ من يَجِدُهُم
يَسْأَلُهُم، وَتَكُون الْمَسْئُولِيَّة حينئذٍ على الْمُفْتِي إذا أَفْتَاه
بِغَيْر عِلْمٍ أو بهوًى.
وَلَهَذَا قال صلى الله عليه وسلم: «كَانَ إِثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ» فَالْمُسْتَفْتِي لم يُقصِّر
بعد أن بَحَث في النَّاس واخْتار من يَرَى أنَّه الأَْحْسَن، فهو بَذَل وُسْعَه في
تحرِّي الْمُفْتِي الذي يُبيِّن له الحقَّ، فَيَجِب على الْمُفْتِي حينئذٍ أن
يُفتيه بِعِلْمٍ، وإذا لم يَكُن عِنْدَه عِلْمٌ في الْمَسْأَلَة فإنَّه يَجِب عليه
أن يتوقَّف وَيَقُول: الله أَعْلَم، أو: اذْهَب إلى غَيْرِي، بِخِلاَف ما لو
تسرَّع وَأُفْتَى بِغَيْر عِلْمٍ فإنَّه يكون الإِْثْم حينئذٍ عليه.
وَلَهَذَا لم يَكُن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم يُجيب
في الْمَسَائِل التي يُسأل عنها ولم يَكُن نَزَل عليه الْوَحْي بعدُ، وإنَّما كان
يَنْتَظِر حتى يَنْزِل عليه الْوَحْي وَالْعِلْم من الله جل وعلا، فَكَيْف
بِغَيْرِه؟!
«وَقَد
جَاء إلى الإمام مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ إمَامِ دَار الْهِجْرَة رَجُلٌ من بَعِيدٍ،
وسأل عن أَرْبَعِين مَسْأَلَة، فَأَفْتَاه في أَرْبَع مَسَائِلَ، وقال في ستٍّ
وثلاثين: لا أَدْرِي! فقال الرَّجل: جِئْتُك من بَعِيدٍ أَسْأَلُك وَتَقُول: لا
أَدْرِي؟! فقال له: ارْكَب رَاحِلَتَك وَاذْهَب إلى الْبَلَد الذي جِئْت منه
وَقُلْ: سَأَلْتُ مالكًا فقال: لا أَدْرِي!».
وَلَهَذَا قال سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ رحمه الله: «إِذَا تَرَك الْعَالِم لا أَدْرِي أُصيبت مَقاتلُه» ([1]).
([1])انظر: « الحلية » لأبي نعيم (7/275).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد