وعن
مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه: أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ
الأُغْلُوطَاتِ. رَوَاه أَبُو دَاوُدَ أيضًا ([1]).
****
قَوْلُه: «الأُغْلُوطَات» جَمَع أُغْلُوطَة: وهي الْمَسَائِل التي يُقصَد بها
غَلَط الْعُلَمَاء أو الْمَسْئُولِين ليَزِلُّوا فَيَحْصُل بذلك شرٌّ وَفِتْنَةٌ؛
وهذا لا يَجُوز، وقد نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عن كَثْرَة السُّؤَال
وقال: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مَنْ
قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلاَفُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ» ([2]).
فَلا يَنْبَغِي لِلإِْنْسَان أن يَسْأَل إلاَّ بِقَدْر
ما يَحْتَاج، وَأَن يَتْرُك الأَْسْئِلَة التي لا يكون بحاجةٍ إِلَيْهَا، ومن باب
أَوْلى الأَْسْئِلَة التي لا يَقْصِد بها الاِسْتِفَادَة وإنَّما يَقْصِد بها
تَغْلِيط الْعَالِم، أو تَغْلِيط المُعلِّم، وهذا أمرٌ لا يَجُوز.
ولا شكَّ أن الْعَالِم مَهْمَا بَلَغ من الْعِلْم فَرُبَّمَا يَغْلَط؛ لأَنَّه لا يَعْلَم كلَّ شَيْء، وقد يُفاجأ بِسُؤَالٍ وليس عِنْدَه له جَوَابٌ، فَإِن أَجَاب بِخَطَأٍ أَشْكَل، وَإِن قال: لا أَدْرِي، قد لا يَحْتَمِل بَعْض النَّاس قولَه: لا أَدْرِي، فَالْوَاجِب على السَّائِلِين أن يتأدَّبوا في السُّؤَال، فَيَسْأَلُوا بِقَدْر ما يَحْتَاجُون، وَأَن يَقْصِدُوا بِسُؤَالِهِم التَّعلُّم، لا إظْهَارَ فَهْمِهِم أو تَغْلِيطَ الْمَسْئُول؛ فإنَّ هذا قد نَهَى عنه الرَّسُول صلى الله عليه وسلم.
الصفحة 4 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد