×
شرح أصول الإيمان

صِفَة الْفَقِيه النَّاجِحِ

****

وعن عَلِيٍّ رضي الله عنه قال: «إِنَّ الْفَقِيهَ حَقَّ الفَقِيه مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِي مَعَاصِي اللهِ، وَلَمْ يُؤَمِّنْهُمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ، وَلَمْ يَدَعِ الْقُرْآنَ رَغْبَةً عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، إِنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي عِبَادَةٍ لاَ عِلْمَ فِيهَا، وَلاَ عِلْمٍ لاَ فَهْمَ فِيهِ، وَلاَ قِرَاءَةٍ لاَ تَدَبُّرَ فِيهَا». رَوَاه الدَّارِمِيُّ ([1]).

****

فَاللاَّئِق بحالِ المؤمنِ أن يكون مطلوبُه الحقَّ أَيْنَمَا وَحَيْثُمَا وَجَدَه، وَأَن يكون نَظَرُه إلى الْقَوْل لا إلى الْقَائِل.

قَوْلُه: «إنَّ الْفَقِيه مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ» إنَّ الْفَقِيه كُلَّ الْفَقِيه من لم يُدْخِلِ الْيَأْسَ إلى نُفُوس النَّاس من رَحْمَة الله، وهو أيضًا من «لَم يُرَخِّصْ لَهُم في مَعَاصِي اللهِ» بِحَيْث لا يُسَهِّل لِلنَّاس الْمُنْكَرَاتِ وَيَفْتَح لهم باب الرَّجَاء على الرَّغْم من كَثْرَة مَعَاصِيهِم وَاسْتِغْرَاقِهِم فِيهَا، فَالْفَقِيه هو الذي يَسْلُك الطَّرِيق الْوَسَط في فَتَاوِيه بِحَيْث لا يُدْخِل الْيَأْس من رَحْمَة الله إلى قُلُوب النَّاس وَنُفُوسِهِم ولا يَسْهُل لِلنَّاس ارْتِكَاب الْمَعَاصِي وَيَفْتَح لهم باب الرَّجَاء، ويُمثِّل الطَّرَف الأَْوَّلَ الْخَوَارِجُ الذين كَفَّرُوا الْمُسْلِمِين وَقَتَلُوهُم وَاسْتَحَلُّوا دِمَاءَهُم، وَيُمَثِّل الطَّرَفَ الثَّانِي الْمُرْجِئَةُ الذين يَقُولُون: الإِْيمَان في الْقَلْب وَافْعَل ما شِئْت من الْمَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ.

ففي هذا الْحَدِيث الرَّدُّ على الْمُتَسَاهِلِين وَالرَّدُّ كَذَلِك على المُتشدِّدين، وَأَنَّ الْمَطْلُوب الْوَسَط وَالاِعْتِدَالُ.


الشرح

([1])  أخرجه: الدارمي رقم (297).