×
شرح أصول الإيمان

وعن الْحَسَنِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَاءَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ لِيُحْيِيَ به الإِْسْلاَمَ، فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّينَ دَرَجَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ». رَوَاه الدَّارِمِيُّ ([1]).

****

وقَوْلُه: «وَلَمْ يُؤمِّنْهُمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ» كالمُرْجِئة الذين يَقُولُون: يَكْفِي الإِْيمَان بِالْقَلْب ولو فَعَل الْعَبْد ما فَعَل وقال ما قال من الْكُفْر وَالشِّرْكِ، فَمَا دَام الْقَلْب مُؤمنًا فَالْعَبْد من أَهْل الْجَنَّة!

وقَوْلُه: «وَلَمْ يَدَع الْقُرْآن رَغْبَةً عَنْهُ إلى غَيْرِه» هذا هو الْفَقِيه الذي يَعْتَمِد في أَقْوَالِه على الْقُرْآن الْكَرِيمِ، ولا يَعْتَمِد على الآْرَاء وَأَقْوَالِ النَّاس وعلى قَوَاعِد الْمَنْطِق وَعِلْمِ الْكَلاَم، وإنَّما يَعْتَمِد على كَلاَم الله عز وجل.

وقَوْلُه: «إنَّهُ لاَ خَيْرَ في عِبَادَةٍ لاَ عِلْمَ فِيهَا»؛ لأنَّ الْعِبَادَة من غير عِلْمٍ ضَلاَلٌ، وكذلك لا خَيْر في عِلْمٍ لا عِبَادَةَ مَعَه، وهي طَرِيقَة الْمَغْضُوب عَلَيْهِم.

وقَوْلُه: «وَلاَ عِلْمَ لاَ فَهْمَ فِيهِ، ولاَ قِرَاءَةَ لاَ تَدَبُّرَ فِيهَا»؛ لقوله تعالى: ﴿كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ [ص:29]، فَيَنْبَغِي تَفَهُّم مَعَانِي الْقُرْآن وَطَلَبُ تَفْسِيرِه، فلا تَنْفَع الْقِرَاءَة الْمُجَرَّدَةُ عن الْفَهْم وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ؛ لأنَّ الْقَصْد الْعَمَلُ بِالْقُرْآن، وهذا لا يكون إلاَّ بِفَهْم مَعَانِيه.

في هذا الأَْثَر فَضْلُ طَلَب الْعِلْم، وَأَنَّ الإِْنْسَان إذا مَات وهو يَطْلُب الْعِلْم فإنَّه يَلْحَق بِالنَّبِيِّين، إلاَّ أنَّه لا يكون في دَرَجَتِهِم، لأنَّ النَّبِيِّين لا يَلْحَقُهُم أَحَدٌ في دَرَجَتِهِم وإنَّما يكون في الدَّرَجَة التي تَلِيهِم.


الشرح

([1])  أخرجه: الدارمي رقم (345)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» رقم (219).