الْجَدَل سَبَب الضَّلاَل
****
وعن
أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه مرفوعًا: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا
عَلَيْهِ إلاَّ أُوْتُوا الْجَدَلَ» ثم تَلاَ قَوْلَه تعالى: ﴿مَا
ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلَۢاۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٌ خَصِمُونَ﴾ [الزُّخرُف:58].
رَوَاه أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه ([1]).
****
في الْمُنَاظَرَات
والمُنَاكَفَاتِ لِإِظْهَار الْعِلْم أَمَامَ النَّاس.
فَمَن سَاءَت نِيَّتُه في طَلَب الْعِلْم صَار من أَهْل
النَّار، ومن ذلك الذين يتعلَّمون الْعِلْم من أَجَل أن يُجَارُوا الْعُلَمَاء.
فَقَوْلُه: «مَن
طَلَبَ الْعِلْمَ» أي: ليس لِوَجْه الله، وإنَّما «لِيُجَارِي به الْعُلَمَاء» أي: يَجْرِي مَعَهُم في الْمُنَاظَرَة
وَالْجِدَال لِيُظْهِر عِلْمَه في النَّاس رِياءً وَسُمْعَةً.
«أَوْ
لِيُمَارِي بِهِ السُّفَهَاء» أي: لَيُجَادِل به الْجُهَّال.
أو لأَِجْل أن «يَصْرِف
به وُجُوهَ النَّاس إلَيْه» ليُعَظِّموه ويُقَدِّروه ويُجِلِّوه لِيَقُولُوا:
هو عَالِمٌ. فإذا كان هذا هو قَصْد طَالِب الْعِلْم فإنَّه من أَهْل النَّار؛
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «أَدْخَلَهُ
اللهُ النَّارَ»، لأنَّ الْعِلْم لم يَنْزِل لذلك، وإنَّما نَزَل لِلْعَمَلِ
الصَّالِحِ وَالإِْخْلاَصِ لِوَجْه الله وَالتَّوَاضُعِ وَنَفَعِ النَّاس.
في هذا الْحَدِيثِ بَيَان أنَّ النَّاس إذا تَرَكُوا الْعَمَل بِالْعِلْم، ولم يَعْمَلُوا بِالسُّنَّة فَإِنَّهُم يُبتَلَون بالضِّدِّ، وهو الْجَدَل الذي هو بَدَل الْعِلْمِ النَّافِعِ، فمن تَرَك سَبِيل الْهُدَى وَرَكِب سُنَن الضَّلاَلَة، ولم تَمْش أَحْوَالُه
الصفحة 1 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد