بَيَان فَضِيلَة حُسْن الْخُلُق
****
وعن
أَبِي ثَعْلَبَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي
مَسَاوِئُكُمْ أَخْلاَقًا؛ الثَّرْثَارُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ المُتَفَيْهِقُونَ».
رَوَاه الْبَيْهَقِيُّ في «شُعَب الإِْيمَان» ([1]).
وَلِلتِّرْمِذِيِّ
نَحْوُه عن جَابِرٍ رضي الله عنه ([2]).
****
وَقَوْلُه: «وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ» الْبَذَاء: هو مُقَابِل الْحَيَاء، وهو
من الْبَذَاءَة التي هي الإِْسَاءَة وَالْفُحْش، وهو من خِصَال الْمُنَافِقِين،
قال تَعَالَى: ﴿وَٱلَّذِينَ
يُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ بِغَيۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ
بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا﴾
[الأحزاب: 58].
و«الْبَيَان»:
هو كَثْرَة الْكَلاَم والتَّعمُّق في النُّطْق والتَّفاصح، وَإِظْهَارُ
التَّقَدُّم فيه على النَّاس وَكَأَنَّه نَوْعٌ من العُجب والكِبْرِ، ولكن
سَيَأْتِي أنَّ من الْبَيَان ما هو مَمْدُوحٌ، وهو الْبَيَان الذي يُظْهِر الحقَّ
وَيُوضِّحُه لِلنَّاس، بِخِلاَف الْبَيَان الذي يَحْمِل صَاحِبَه على حُبِّ
الْمِرَاء الذي هو من النِّفَاق.
فَقَوْلُه: «الْبَذَاء»
يُقَابِل قَوْلَه: «الْحَيَاء»، وَقَوْلُه:
«الْبَيَان» يُقَابِل «الْعِيَّ»؛ فَالْمُرَاد بِالْبَيَان
هُنَا: كَثْرَة الْكَلاَم دون فَائِدَةٍ.
في أَوَّل الْحَدِيث الحَثُّ على حُسْن الْخُلُق.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «أَحَاسِنُكُم» جَمَع حَسَن؛ أَي: حَسَن الْخُلُق هو الذي يُحِبُّه الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، ويكون مَنْزِلُه يوم الْقِيَامَة قريبًا من مَنْزِل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (17743)، والبيهقي في «الشعب» رقم (4969).
الصفحة 1 / 339