×
شرح أصول الإيمان

وَحُسْن الْخُلُق مِيزَةٌ عَظِيمَةٌ امْتَنَّ الله بها على من يَشَاء من عِبَادِه؛ ولهذا مَدَح اللهُ تعالى نَبِيَّه صلى الله عليه وسلم فَقَال: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ [الْقَلَم: 4].

وَقال تَعَالَى: ﴿فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ [آل عِمْرَان: 159]، وقد كان صلى الله عليه وسلم حَسَنَ الْخُلُق وأكملَ النَّاس خُلُقًا، وهو يُحِبُّ مَحَاسِن الأَْخْلاَق.

ففي هذا الْحَثُّ على حُسْن الْخُلُق وَبَيَان فَضِيلَة صَاحِبِه، وهو صِفَة أَنْبِيَاء الله تعالى وَأَوْلِيَائِه، وهو نِعْمَةٌ من الله يُعْطِيهَا لِمَن يَشَاء؛ ولهذا يَنْبَغِي لِلْعَبْد أن يُحَسِّن أَخْلاَقَه وَيُرَبِّيَ نَفْسَه على ذلك وَيُعَوِّدَهَا على حُسْن الْخُلُق، وَإِنْ كان أَصْل حُسْن الْخُلُق من الله تَعَالَى، وعلى الْعَبْد أنْ يَتَسَبَّب في هذا فيتواضع وَيَبْذُل الْمَعْرُوف وَأَن يُخَالِط النَّاس بِالْجَمِيل والبِشْرِ.

وَقَوْلُه: «وَأَبْغَضَكُم إلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَسَاوِئُكُمْ أَخْلاَقًا» أَي: إن أَصْحَاب الأَْخْلاَق السَّيِّئَة هم أَبْغَضُهُم إلَيْه صلى الله عليه وسلم في الدُّنْيَا وَأَبْعَدُهُم عنه يوم الْقِيَامَة، وهم «الثَّرْثَارُون» وهم الذين يُكْثِرُون الْكَلاَم تكَلُّفًا وخروجًا عن الْحَقِّ، «الْمُتَشَدِّقُون» وهم المُتوسِّعون في الْكَلاَم من غير احْتِرَازٍ وَاحْتِيَاطٍ.

ومما يُرْوَى عن عَلَيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَوْلُه:

وزِنِ الْكَلاَمَ إِذَا نَطَقْتَ وَلاَتَكُنْ **** ثَرْثَارَةً فِي كُلِّ نَادٍ تَخْطُبُ

وَاحْفَظْ لِسَانَكَ وَاحْتَرِزْ مِنْ لَفْظِهِ **** فَالْمَرْءُ يُسْلِمُ بِاللِّسَان ويَعْطَبُ

وَالْمُتَشَدِّق في الأَْصْل: هو الذي يَمْلَأ شِدْقَهُ وَفَمَه تعاظمًا وإعجابًا بِنَفْسِه.


الشرح