×
شرح أصول الإيمان

وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَعَلَّمَ صَرْفَ الْكَلاَمِ لِيَسْبِيَ بِهِ قُلُوبَ الرِّجَالِ أَوِ النَّاسِ، لَمْ يَقْبَلِ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً». رَوَاه أَبُو دَاوُدَ ([1]).

****

 قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَعَلَّمَ صَرْفَ الْكَلاَم» يَعْنِي: تَحْسِين الْكَلاَم وَتَنْمِيقِه، وما يَتَكَلَّفُه الإِْنْسَان من الزِّيَادَة فيه وَرَاء الْحَاجَة؛ ولهذا سُمِّي الْفَضْل أو الزَّائِد من النَّقْدَيْن صَرْفًا.

وَقَوْلُه: «لِيَسْبِيَ قُلُوبَ الرِّجَالِ أَوِ النَّاسِ» أَي: ليستميلهم، وفي هذا وَعِيدٌ شَدِيدٌ؛ حيث إنَّ الله يوم الْقِيَامَة لا يَقْبَل منه «صَرْفًا» وَالصَّرْف هو الْفَرِيضَة أو التَّوْبَةُ، «وَلاَ عَدْلاً» أَي: ولا نَافِلَةً؛ حيث لا يَقْبَل الله منه نَافِلَةً ولا فَرِيضَةً، وهذا وَعِيدٌ شَدِيدٌ بحقِّ من يَتَعَلَّم الْبَلاَغَة وَالْخَطَابَةَ وَالشِّعْرَ من أَجْل أنْ يتأكَّل بِلِسَانِه.

وأمَّا من تَعَلَّم الْبَلاَغَة من أَجْل أن يُحْسِن الْخِطَاب فِيْمَا يَنْفَع وَيُفِيد، وَاسْتِمَالَةِ قُلُوب النَّاس إلى الْخَيْر، فهذا أَمْرٌ طَيِّبٌ؛ لأنَّ حُسْنَ الْكَلاَم يَسْتَمِيل النَّاس، فَإِن كانت الاِسْتِمَالَة لأَِجْل الدِّيْن فهو أَمْرٌ مَرْغُوبٌ فِيْه، بِخِلاَف استمالتهم لأَِجْل الدُّنْيَا الذي جَاء فيه الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (5006)، والبيهقي في «الشعب» رقم (4974).