التَّرْغِيب في قِلَّة الْكَلاَم
****
وعن
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«إِذَا رَأَيْتُمُ الْعَبْدَ يُعْطَى زُهْدًا في الدُّنْيَا وَقِلَّةَ مَنطِقٍ،
فَاقْتَرِبُوا مِنْهُ فَإنَّهُ يُلَقَّى الْحِكْمَةَ». رَوَاه الْبَيْهَقِيُّ في
«شُعَب الإِْيمَان» ([1]).
****
لأَِنْ يُسأَلَ
عن مَعْنَاهَا، مع التَّمَهُّل في إلْقَاء الْخِطَاب لِوُصُول الْفَائِدَة إلى
الْمُسْتَمِعِين.
ولذلك فَإِنَّ الْخُطَب الْمَرْوِيَّةَ عن الرَّسُول صلى
الله عليه وسلم، إذا قرأها الْقَارِئ لَوَجَدَهَا لا تَتَجَاوَز النِّصْفَ صَفْحَة
أو أَقَلَّ، وَلِكِنَّهَا لو شُرِحَتْ لَبَلَغت المُجَلَّدَاتِ؛ لأَنَّهَا من
جَوَامِع الْكَلِم، فليس الشَّأْن في كَثْرَة الْكَلاَم وإنَّما في الإِْفَادَة
التي تَتَأَتَّى من هذه الْخُطَب، ولو كانت قَلِيلَةً.
وَقَد عوَّد الْخُطَبَاءُ في وَقْتِنَا الْحَاضِرِ
النَّاسَ على التَّطْوِيل في الْخَطَابَة، وهذا على خِلاَف ما نَرَاه من خُطَب
الْقُدَمَاء -وَهْي مُدَوَّنَةٌ- التي لو رَجَعْنَا إِلَيْهَا لَوَجَدْنَا أنَّ
الطَّوِيلَة منها لا تَبْلُغ النِّصْفَ صَفْحَةً، وَمِثَال ذلك خُطَب الْمُؤَلِّف
الشيخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الْوَهَّاب رحمه الله.
وفي هذا الْحَدِيث التَّرْغِيب في قِلَّة الْكَلاَم، فالذي لا يَتَعَلَّق قَلْبَه في الدُّنْيَا بِجَمْع الْمَال، وإنَّما بِالْعَمَل الصَّالِحِ، فإنَّه لا يَأْخُذ من الدُّنْيَا إلاَّ بِقَدْر ما يُعينه على الْعَيْش؛ لأَنَّه ليس الزُّهْد في تَرْك الدُّنْيَا وإنَّما في تَرْك ما لا يُحتاج إلَيْه، فمن اجْتَمَعَت فيه الصِّفَتَان: الزُّهْد في
الصفحة 1 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد