×
شرح أصول الإيمان

 مَعْصِيَةً فإنَّه يَضْعُف إِيمَانه وَيَنْقُص، حَتَّى إنَّه لِيَصِل إلى مِقْدَار حبَّة الخَرْدَل أو أقلَّ كَلَّمَا ازْدَاد في عَمَل المَعَاصِي.

فَالنَّاس لَيْسُوا في الإِيمَان سواءً؛ فَمِنْهُم من إِيمَانه عَظِيمٌ، ومنهم من إِيمَانه قَلِيلٌ، وقد قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ؛ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيْمَانِ» ([1])؛ فدلَّ هذا على أنَّ الإِيمَان يكون ضعيفًا ويكون أضعفَ.

وكذلك جَاء في الحَدِيث أنَّ الله تعالى يقول يوم القِيَامَة: «أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيْمَانٍ» ([2])؛ يعني: أَقَلَّ الناسِ إِيمَانًا، فإنَّه يَخْرُج من النَّار، ولا يَبْقَى في النَّار إلاَّ من ليس في قَلْبِه إِيمَانٌ أصلاً، من الكفَّار والمُنافقين وَالمَلاَحِدَة، وأمَّا من كان في قَلْبِه إِيمَانٌ ولو عُذِّب في النَّار وَمَكَث فِيهَا مدَّةً، فإنَّ الله يُخْرِجُه منها بِإِيمَانه ولوكان ضعيفًا.

وَالشَّاهِد من كلِّ هذا هو بَيَان أنَّ الإِيمَان قد يكون ضعيفًا؛ قال تعالى: ﴿هُمۡ لِلۡكُفۡرِ يَوۡمَئِذٍ أَقۡرَبُ مِنۡهُمۡ لِلۡإِيمَٰنِۚ [آل عمران:167]، فدلَّ هذا على أنَّ هناك إِيمَانًا ضعيفًا يكون أَقْرَبَ إلى الكُفْر، هذا معنى قَوْلهم: «وَيَنْقُص بِالمَعْصِيَة»، وهذا تَعْرِيف دَقِيق مأخوذٌ من النُّصُوص.

وَالإِيمَان له أَرْكَانٌ بيَّنها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِه: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَالْيَومِ الآْخِرِ، وَبِالقَدَر خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» ([3]).

وَالإِيمَان كَذَلِك له شُعبٌ تَزِيد عَلى سِتِّين أو سَبْعِين شُعْبَة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الإِيْمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، أو بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً:


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (49).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (22)، ومسلم رقم (184).

([3])  أخرجه: مسلم رقم (8).